في انتظار الحكومة
جرت الانتخابات التشريعية الأخيرة في موعدها المحدد، كما ميز ذلك كل الاستحقاقات الانتخابية على عهد محمد السادس. انتهت الانتخابات، التي جرت يوم 7 أكتوبر 2016، بحصول حزب العدالة والتنمية على الرتبة الأولى، ما فتح الباب، من جديد، أمام أمينه العام عبد الإله
ابن كيران لرئاسة حكومة لولاية ثانية في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ المغرب المستقل. غير أن مشاورات ابن كيران مع بعض الأحزاب، خاصة التجمع الوطني للأحرار، دخلت الباب المسدود بعد اشتراط الأخير استبعاد حزب الاستقلال من المشاركة في الحكومة المقبلة، مما أدى إلى أزمة سياسية غير مسبوقة، دفعت الملك إلى إرسال اثنين من مستشاريه إلى ابن كيران لحثه على الإسراع في تشكيل الحكومة.
المغرب الإفريقي
أولى المغرب اهتماما متصاعدا لعلاقاته مع البلدان الإفريقية في السنوات الأخيرة، بلغ قمته بإعلان المغرب عزمه العودة لمنظمة الاتحاد الإفريقي. بعد 32 سنة على انسحابها من هذه المنظمة، شاركت المملكة في القمة السابعة والعشرين لهذه المنظمة، المنعقدة في العاصمة الرواندية كيغالي، منتصف يوليوز الماضي، حيث أعلن طلب العودة للاتحاد. بيد أن مسار العودة ما يزال معقدا. بعدما واجهت الدبلوماسية المغربية عقبة وجود البوليزاريو في عضوية هذه المنظمة، باتت تواجه عراقيل من مسؤولين معينين في المنظمة، على رأسهم رئيسة مفوضية الاتحاد، وذلك على خلفية منازعة الجزائر في مغربية الصحراء. موازاة مع هذا المسار نشطت الدبلوماسية المغربية بقوة في إفريقيا طيلة سنة 2016، فتعددت الزيارات الملكية لبلدان القارة، ووقعت العديد من الاتفاقيات الاستثمارية، وألقي خطاب ملكي لأول مرة من العاصمة السينغالية دكار بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء.
أصدقاء جدد
تميزت سنة 2016 ببروز توجهات دبلوماسية جديدة في السياسة الخارجية المغربية، ترمي إلى تنويع الشراكات مع القوى الدولية العظمى، وخاصة روسيا والصين. جاء ذلك في سياق الصعوبات التي طبعت علاقات المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية، على مستوى مجلس الأمن الدولي منذ بضع سنوات. لعل أوضح تعبير على أن التوجهات الجديدة تطمح لتوازن أكبر، تمثل في الزيارة الملكية لروسيا في مارس الماضي، وتوقيع برنامج للشراكة الاستراتيجية بين البلدين. فضلا عن الخطاب الملكي، أثناء القمة الخليجية في الرياض شهر أبريل الماضي، الذي هاجم “مؤامرات” و”مخططات عدوانية”متواصلة. «فبعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، ها هي اليوم تستهدف غربه»، يقول محمد السادس في خطابه، فيما يمكن اعتباره إحالة على تطورات قضية الصحراء المغربية.
احتجاجات “الحكرة”
لم تمض سوى أسابيع قليلة على أهم حدث سياسي في 2016، ممثلا في انتخابات 7 أكتوبر، حتى كاد حادث مقتل محسن فكري يتصدر حصيلة السنة السياسية. فيوم الأحد 30 أكتوبر عمت عدد من مدن المملكة مظاهرات احتجاجية لعلها الأقوى منذ أحداث سنة 2011، وذلك إثر وفاة هذا الشاب في حادث مفجع بمدينة الحسيمة. تصدر شعار “الحكرة”، والمطالبة بحفظ الكرامة، هذه الاحتجاجات، التي تواصلت بعدئذ في بعض المناطق الشمالية. ووجهت دعوات التعبئة لهذه الاحتجاجات بدعوات مناقضة تحذر من إشعال “الفتنة”. لا شك أن مبادرة السلطات لفتح تحقيق في أسباب الحادث ومتابعة بعض المتهمين ساهم في تخفيف الاحتقان الذي خلفته هذه الفاجعة، والذي وجد أصداء خارج الحدود.
مسيرة “لقيطة”!
لعلها المرة الأولى التي تظهر فيها مسيرة “لقيطة” في مدينة الدارالبيضاء، لم تمنعها السلطات ولم يتبنها رسميا أي حزب أو تنظيم سياسي! حصل ذلك يوم الأحد 26 شتنبر الماضي، حين سار مواطنون خلف شعارات تندد بـ”أخونة الدولة”، تستهدف حزب العدالة والتنمية. سرعان ما فضحت وسائل الإعلام غرائبية هذه المسيرة. كما ظهرت مشاركة قياديين في حزب الأصالة والمعاصرة في التعبئة للمسيرة، وإن نفى الحزب رسميا ذلك، لاحقا. كان من النتائج المباشرة لهذه المسيرة، التي أضحت موضوع تندر، أن أعلن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، استقالته من اللجنة الوزارية التي يشرف من خلالها مع محمد حصاد وزير الداخلية على تنظيم انتخابات 7 أكتوبر، قبل أن يتراجع عن ذلك.
الجيش يخرج من الثكنات
شهدت سنة 2016 تحرك القوات المسلحة الملكية، في عملية هي الأوسع منذ وقف إطلاق النار في الصحراء. ففي شتنبر الماضي أعلنت وزارة الداخلية أن القوات المسلحة أطلقت عملية تطهير في منطقة الكركرات ضد التهريب والاتجار في المخدرات، فضلا عن رفع “العراقيل” التي كانت تمس التنقل برا في اتجاه موريتانيا، مؤكدة أن العملية تتم في احترام تام لبنود وقف إطلاق النار منذ عام 1991. جاء رد فعل الانفصاليين تصعيديا ببث صور لإبراهيم غالي خليفة محمد ولد عبد العزيز في قيادة البوليزاريو، بالزي العسكري، على نقطة شاطئية موريتانية، قالت الجبهة إنها قريبة من الكركرات. كما كان متوقعا لم تأت وفاة محمد ولد عبد العزيز، الزعيم التاريخي للبوليزاريو، بأي تغيير جوهري في مسار النزاع في الصحراء. باستثناء التوتر حول الكركرات، بقي الملف يراوح مكانه على صعيد مجلس الأمن الدولي.
لا تقاعد قبل 63 سنة
بات سن الإحالة على التقاعد في الوظيفة العمومية محددا في 63 سنة، بعدما ظل لفترة طويلة محددا في 60 سنة. لعل هذا التعديل على قانون التقاعد أبرز حدث اجتماعي في سنة 2016، وأكثر الأسباب إثارة للاحتجاجات النقابية والإضرابات. بعد جمود طويل على مستوى مجلس المستشارين، تمكنت الحكومة في الأنفاس الأخيرة من ولايتها، شهر يوليوز الماضي، من إقناع أغلبية المجلس بالتصويت على هذا التعديل. يفترض أن يمكن رفع سن التقاعد، الذي سيبدأ تطبيقه تدريجيا انطلاقا من السنة الحالية، من تدارك العجز في الصندوق المغربي للتقاعد (الوظيفة العمومية). وهو العجز الذي سبق أن فضحه تقرير للمجلس الأعلى للحسابات قبل سنين، دون أن يعالج المشكل إلا في السنة الماضية. باستثناء الاحتجاجات النقابية، لم يقع أي نقاش سياسي حول هذا الإصلاح ولم تظهر أية بدائل للمشروع الذي اقترحته الحكومة.
كوب 22، ظل ترامب في مراكش
شدت مدينة مراكش أنظار العالم باحتضانها الدورة 22 لقمة المناخ. نبعت أهمية هذه القمة من كونها تأتي بعد الالتزامات التي خرجت بها الدورة 21 للقمة، في باريس سنة 2015، والتي تهدف إلى تقليص الاحتباس الحراري بدرجتين. ولعل من أبرز ما خرجت به القمة، تأكيد البلدان المانحة عزمها الوفاء بقرار تعبئة ما يقارب 100 مليار دولار، في أفق سنة 2020، لتمويل مشاريع تهدف إلى خفض آثار الاحتباس الحراري. بيد أن المفاجأة التي جاءت بدونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، تزامنا مع انعقاد القمة. جعلت هذه الالتزامات معلقة أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن الرئيس الأمريكي الجديد غير متفق تماما مع الأهداف الرامية لمحاربة التلوث والاحتباس الحراري، ويسعى في المقابل إلى تقوية القدرات الصناعية لبلاده في مواجهة الصناعة الصينية.