خلق اختطاف الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة الجزائرية أزمة كبرى بين المغرب وفرنسا. حتى أن مجموعة من المتطوعين المغاربة تلقت تدريبا عسكريا لتنفيذ عمليات ثأر من فرنسا. لماذا توقف هذا المشروع؟ وماذا تقول الوثائق الفرنسية عن هذه الأزمة؟
لم تكد العلاقات المغربية الفرنسية تجد طريقها نحو التطبيع، حتى اندلعت أخطر أزمة بين البلدين أشهرا قليلة بعد إعلان الاستقلال. في 22 أكتوبر 1956، عمد الفرنسيون إلى قرصنة الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة الجزائرية الخمسة، المتجهين من الرباط إلى تونس، حيث يفترض أن يجتمعوا مع محمد الخامس والحبيب بورقيبة. لعل بروز مشروع مغربي، شبه رسمي، لـ”الثأر” من الفرنسيين، من التداعيات غير المكشوفة لهذه الأزمة .علق المشروع في مهده دون أن ينفذ، لكن مجرد ظهوره يعطي فكرة أوضح عن حساسية تلك الفترة الانتقالية الدقيقة، التي كان المغرب ما يزال يسعى خلالها لاستعادة سيادته، بعد إلغاء معاهدة الحماية وإعلان الاستقلال. كما يظهر مدى تعقيد الموقف المغربي المرتهن لضغوط القوة الاستعمارية الفرنسية من جهة، والتزامات دعم الثورة الجزائرية حتى تحرير البلاد.
عندما اندلعت الثورة الجزائرية سنة 1954، كان ثمة اتفاق بين ممثلين عن أحزاب وطنية مغاربية، في القاهرة، على مواصلة الكفاح المشترك حتى تحرير بلدان المغارب الثلاثة، تونس والجزائر والمغرب. وعندما انطلق جيش التحرير المغربي مطلع أكتوبر من سنة 1955، كان يفترض أنه يتحرك في نطاق العمل المشترك مع وحدات جبهة التحرير الجزائرية. فرضت مجريات الأحداث واقعا مختلفا، فانفصلت مسارات حركات التحرير في البلدان الثلاثة. هكذا، سرعان ما أوقف جيش التحرير المغربي عملياته ضد الوحدات الفرنسية المنتشرة في المغرب، مطلع مارس 1956، بعد مضي أشهر قليلة على انطلاقته في أكتوبر .1955لكن مسيرة جيش التحرير استأنفت بعدئذ في الجنوب والمناطق الشرقية، على أساس تحرير موريطانيا والصحراء الغربية من جهة، ودعم جبهة التحرير الجزائرية انطلاقا من الصحراء الشرقية، من جهة ثانية.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 34-35 من مجلتكم «زمان»