وضع يحي أوتعفوفت نفسه رهن إشارة المحتل البرتغالي ضدا على أبناء جلدته، غير أن نهايته كانت قتلا في الوقت الذي كان يقدم واجب العزاء في أحد القواد الذي شاركه الاصطفاف إلى جانب الغرباء.
أدى يحي أو تعفوفت دورا وازنا في التمكين للاستعمار البرتغالي وتوطيد نفوذه في منطقة دكالة وأحوازها، إذ لم يأل جهدا في الدفاع عن مصالح المحتل والدب عن مكتسباته، وخاض من أجل ذلك حروبا لم يسكن أوارها ولم تفتر أوزارها حتى انجلى المستعمر عن آخر معقل محتل.
جعل هذا التفاني في خدمة البرتغالي، وغلوه في سفك دماء المحليين، وعدم التورع في تقديمها قربانا عسى أن يثبت من سفحها ولاءه وجدارته بما أنيط إليه، (جعل) فقهاء المسلمين يفتون بكفره وحلّية قتله، الأمر الذي كان يدفع أوتعفوفت إلى تسويغ أفعاله بمناسبة وبغير مناسبة، مؤكدا في معرض تبريراته أنه مسلم غيور على دينه، يسعى إلى إصلاح أمور المسلمين، وجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم على عصا واحدة، والقضاء على أسباب الفوضى وإفشاء الأمن والأمان في ربوع المنطقة.
لا تسعف المادة المصدرية بمعلومات يمكنها أن تحيط الباحث أو المهتم علما بمسقط رأس أوتعفوفت وأهله وعشيرته وحياته ومساره حتى أصبح أحد أعيان منطقة دكالة المعتبرين، بل اكتفت بإيراد اسمه محرفا في بعض الأحيان (تعففت) كما أورده الناصري، أو ذكره دون أن تغني الفضول عنه، مثلما صرح الوزان حين أخبر باللقاء الذي جمعهما والنصيحة التي أسداها له بالابتعاد عن البرتغال، ورغم أن بعض المظان الأجنبية، التي درست الفترة، تناولت الدور الذي اطلع به في خدمة المشروع الاستعماري البرتغالي بالمنطقة، والصراع الذي خاضه ضد القبائل الثائرة والكيانات الطامحة والقباطنة الحانقة، لكنها لم تتطرق -على حد علمنا- لتفاصيل حياته قبل جسر علاقته مع التجار البرتغال في الفترة التي خضعت فيها منطقة آسفي للحماية البرتغالية.
أنس الصنهاجي
تتمة المقال تجدونها في العدد 34-35 من مجلتكم «زمان»