لا شيء يجمع بين محمد بن عبد الكريم الخطابي ولحسن اليوسي، لكن الرجلين التقيا فجأة وتقاطع مسارهما، تقاطعا ظرفيا على الأرجح. فماذا كانت خلفيات هذا الالتقاء؟
يقع محمد بن عبد الكريم الخطابي ولحسن اليوسي على طرفي نقيض. فالأول، العائد لواجهة الأحداث في الساحة المغربية منذ نزوله في مصر سنة 1947، عبر عن موقف رافض للحل التوافقي الذي أفضى إلى إعلان استقلال المغرب في 1956، وظل يدعو لمواصلة القتال في إطار جيش تحرير موحد حتى جلاء آخر جندي أجنبي عن بلدان شمال إفريقيا. أما الثاني، المعين وزيرا للداخلية ثم وزيرا للتاج في أولى حكومتين بعد الاستقلال، فاشتهر بخلفيته المخزنية وولائه للقصر وتوجهاته الرسمية، ولم يعرف عنه أي حرص على استمرار القتال ضد الوجود الأجنبي في شمال إفريقيا، كما كان يشدد عليه بن عبد الكريم الخطابي. فضلا عن ذلك، يختلف الرجلان تماما في التجربة والمسار، وحتى الموقع الجغرافي. فاليوسي كان في قلب الحدث السياسي بالعاصمة الرباط بحكم مهامه الرسمية، بينما بقي الخطابي بعيدا في العاصمة المصرية القاهرة، حيث لجأ إلى غاية وفاته سنة 1963. لكن هذا التباعد لم يمنع التقاء مفاجئا وغامضا بين الرجلين، من خلال إدريس نجل الزعيم الريفي، في صيف سنة 1956. ذلك الصيف الحار بأحداث الصراع المحتدم حول بناء الدولة الوطنية المستقلة بين توجهات الصف الوطني المختلفة، وتحت الضغط الفرنسي المتواصل بأوجه متعددة لضمان ترتيب الأوضاع بما يخدم مصالح فرنسا في المغرب المستقل. فماذا كانت خلفيات هذا الالتقاء؟ وماذا كان موقع بن عبد الكريم الخطابي، وأنصاره، من الحركة التي تصدرها لحسن اليوسي لتعبئة مغرب البادية “البربرية”، حسب التعبير الفرنسي، ضد حزب الاستقلال؟ وهل يجوز إقامة أي ترابط بين حركة اليوسي هاته، كما عبر عنها عدي وبيهي في تافيلالت، وتلك التي سوف تظهر بعد ذلك ببضعة أشهر في معقل الخطابي بالريف؟
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 52 من مجلتكم «زمان»