عملية التعريب، التي طالت المغرب منذ وصول العرب والمسلمين إلى هذه البقاع، شيء يكتنفه الغموض ولم يحظ بالاهتمام اللازم، لا من طرف المؤرخين ولا من طرف علماء اللسانيات. محاولة فهم هذه الظاهرة من خلال الدارجة التي يتكلمها اليوم سكان الريف الغربي.
انت منطقة الشمال الغربي من أولى المناطق التي لحقها التعريب في وقت مبكر بالرغم من طبيعتها الجبلية وتضاريسها الصعبة التي كان من المفروض أن تعطل هذه السيرورة. فما هي العوامل التي تفسر هذا التعريب المبكر والسريع في نفس الوقت؟
ربما العامل الأساسي الذي مهد لتعريب الريف الغربي في وقت مبكر هو موقعه الجغرافي كقنطرة وممر اضطراري بين بلاد المغرب والأندلس. فالجيوش الإسلامية المتوجهة للأندلس انطلقت من هذه المنطقة، وعبرها كانت تمر القوافل والعابرون للمضيق في الاتجاهين، كانوا من الجيش أو من التجار وغيرهم. بل إن الجيوش التي وظفها الفاتحون العرب في غزو الأندلس كانت بالضرورة، وفي جلها على الأقل، تنتمي لهذه المنطقة، وعلى رأسهم القائد طارق بن زياد. وقد عبر الآلاف من الغماريين إلى الأندلس بعد ذلك فكانوا يشكلون الجزء الأوفر من العنصر الأمازيغي بالأندلس. أما العامل الآخر الذي سهل عملية تعريب الريف الغربي فقد تمثل في وجود عدة مراكز حضرية نشيطة بالمنطقة، وخاصة مدن سبتة وطنجة والبصرة والقصر الكبير، أو قصر كتامة كما كان يعرف سابقا. ومعلوم أن المدن هي مراكز تجارية وبؤر علمية توجد بها أسواق ومدارس يقصدها أهل البوادي من المتسوقين أو طلاب العلم والمعرفة.
محمد المنصور
تتمة الملف تجدونها في العدد 74 من مجلتكم «زمان»، دجنبر 2019