زار محمد بن عبد السلام السايح فرنسا، في أواخر فبراير 1922، في إطار مهمة تتمثل في تحديد سمت قبلة مسجد باريس. هنالك قضى أسبوعا، ثم عاد ليؤرخ رحلته في كتاب ضمنه ملاحظات ومقارنات بين «الأنا» المغربي المسلم و«الآخر» الفرنسي المسيحي.
بعد المساهمة المغاربية النوعية إلى جانب القوات الفرنسية في الحرب العالمية الأولى، سواء على المستوى العسكري أو التمويني والمادي، ارتأت فرنسا أن تقوم بمبادرة لرد الجميل، وبناء مسجد بباريس يقصده المسلمون المغاربيون وغيرهم المقيمون بعاصمتها. واستدعت، في هذا الاطار، علماء وفقهاء من الأقطار المغاربية الثلاث ليساهموا إلى جانب مهندسين فرنسيين في تحديد سمت قبة المسجد. فكان محمد بن عبد السلام السايح ممن انتدبوا لهذه المهمة. إذ يقول: «وفي يوم الثلاثاء أممنا ساحة المعهد لاستخراج سمت القبلة به وتخطيط خط المحراب حتى لا يثور ساعة الاحتفال بين الحضور نزاع. (…) وحضر معنا جماعة من المهندسين الإفرنسويين (…) فتوافقت الأعمال». فهل توافق الأعمال على المستوى التقني كان مؤشرا على توافق على المستوى الذهني أم هي لحظة عابرة في زمن التباعد بين الذات والآخر؟
يستدعي فهم خطاب، وسلوك محمد بن عبد السلام السايح لحظة انتقاله إلى الضفة الأخرى من المتوسط كممثل للمغرب في الديار الفرنسية، ضرورة الوقوف عند العلامات البارزة التي طبعت مسار الرجل، وذلك لفهم منظومته المرجعية الثقافية التي تحكمت في عملية التمثل قبل أن تتحكم في صياغة نص الرحلة.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 5 من مجلتكم «زمان»