نهج سلاطين مرينيون ووطاسيون سياسة ضريبية أثقلت كاهل الفلاحين والحرفيين والتجار، ما دفع بعدد منهم إلى الثورة ضد جباة الضرائب.
موضوع السياسة الجبائية في المغرب ما بين القرن السابع والتاسع الهجريين/ 13-15م، موضوع شاسع ومعقد. وسيركز هذا المقال، تحديدا، على مدى تأثيره تلك السياسة على الأنشطة الثلاثة (الفلاحة والحرف والتجارة) والقائمين عليها.
بين المرينيين والوطاسيين
يمكن تقسيم السياسة الجبائية خلال هذه الحقبة التاريخية إلى ثلاث مراحل كبرى، تهم المرحلة الأولى الفترة الانتقالية من الموحدين إلى المرينيين، والمرحلة الثانية عهد السلطانين أبي الحسن وأبي عنان، والمرحلة الثالثة بعد وفاة السلطان الأخير إلى حدود الدولة الوطاسية. همت أهم ضرائب المرحلة الأولى النشاط الفلاحي من خرص، وبرنس، وإنزال، ومغارم على الحطب والبيض والدجاج والتبن، وعقد الضمان… فقد سجل هذا النشاط تواجد مؤسسة ضريبية شبه دائمة كانت تفرض الضرائب على الفواكه والغلات الشجرية. وحسب ما يبدو فإنها كانت مهمة شملت أعدادا كبيرة من السكان. علاوة على ذلك، فرضت على البوادي ضرائب لا حصر لها، أغلب الظن أنها كانت تنتزع من السكان عينا كان لها تأثيرها على الأنشطة الاقتصادية لسكان البادية.
بعد المرحلة الثانية التي عرفت إصلاحا جبائيا خلال عهد السلطانين أبي الحسن وابنه أبي عنان، حيث تنفس النشاط الفلاحي الصعداء بعد معاناة المرحلة الأولى، حلت المرحلة الثالثة التي عادت خلالها مختلف أنواع الضرائب، ومن مظاهر التعسف الجبائي فيها وأثره الوخيم على النشاط الفلاحي أن الزروع كانت تقدر قيمتها قبل حصادها. وأحيانا كان الجابي يسبق عمل الفلاح، ويطالبه بأداء الضرائب قبل إبانها، دون مراعاة ما إذا كان حرثه سيثمر أم لا، ولا مراعاة الجوائح المحتملة التي من شأنها الإضرار بالغلات. ومعنى هذا أن الفلاح، في بعض المناطق، كان يتحمل وحده تجاوزات المخزن وقسوة الظروف الطبيعية.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 44 من مجلتكم «زمان»