استغلت إسبانيا مقتل أحد محمييها المغاربة لاحتلال العرائش والقصر الكبير، متجاوزة في ذلك كل المعاهدات، لا سيما صكوك مؤتمر الخزيرات.
لم تكن الأطماع التوسعية لإسبانيا في المغرب حدثا مفاجئا، بل ظهرت في وقت مبكر حيث تعرض التراب المغربي لتحرشاتها منذ خمسة قرون، واتجهت أنظارها إلى المراسي والجزر المتوسطية التي كابدت الشدائد من جراء سياسة الاسترداد وحركة الاسترجاع الصليبية، فزحفت جيوش كارلوس الخامس وفيليب الثاني وإيزابيلا الثانية إلى الثغور الشمالية. واندفع هذا المد التبشيري نحوه لاقتطاع أطرافه، فتعرضت مليلية لهجومات الدوكي دي سيدونيا يوم 17 شتنبر 1497، وضم التاج الإسباني سبتة إليه. وفي يوم 28 غشت 1673، نزلت جحافل كارلوس الثاني في حجرة النكور.
الإمساك بخيوط العنكبوت
ثم أخذت إسبانيا تمسك بخيوط العنكبوت لتبرير تطلعاتها إلى الأراضي المغربية الأخرى، فازدادت تعنتا منذ هزيمة المغرب في وادي إيسلي في غشت 1844، وإبرام معاهدتي شتنبر 1844 ومارس 1845، فاشتطت وأمعنت في التحدي حيث احتلت بالقوة جزر ملوية في 6 يناير 1848 تحت قيادة الجنرال سيرانو. وفي 1859، استغلت هجوم قبائل أنجرة على الحامية الإسبانية في سبتة لتشهر الحرب على المغرب في أكتوبر من نفس السنة، وكبدته خسائر مادية وبشرية فادحة، وأزمت نفسية المغاربة، وهو ما عبر عنه الناصري بقوله: «وانكسر المسلمون انكسارا لم يعهد مثله… ونشأ عن ذلك ضرر كبير، نسأل الله العفو والعافية…».
حاتم هشام
تتمة الملف تجدونها في العدد 44 من مجلتكم «زمان»