غرق مفهوم الطب العقلي بالمغرب، كما عند المسلمين والعرب، في أحكام قيمة فرضها تداخل السياسة والإيديولوجيا، والدين والخرافة.
ارتبط المرض العقلي في المغرب وربما في سائر الدول العربية والإسلامية بغياب العقل. ولعل مفهوم العقل في العربية يدلنا على أن الأمر يتعلق بمشكل أبعد ما يكون عن العلم، بل إنه مفهوم مغرق في الأحكام القيمية التي يتداخل فيها السياسي بالإيديولوجي والديني بالخرافي .ويبقى التعريف الذي أعطاه الماوردي للعقل، في كتابه “أدب الدنيا والدين“، الأقرب إلى الفهم العربي الرسمي للعقل .يقول ما معناه: «إن العقل سُمي عقلاً، من عقال الناقة، وذلك لأنه يعقل النفس عن الهوى والشهوات». هذا هو الدور الرئيس للعقل الذي ما فتئ يتسلّلُ بشكل لا شعوري مغلّفاً بمفاهيم غربية حداثية. أي أن العاقل من هذا المنظور هو الذي يخضع للمواضعات المجتمعية والأخلاق وأنظمة الحكم القائمة. وكل من زاغ عن هذا الطريق يمكن اعتباره خارجا عن العقل أو خارجا عن عقله بالتعبير المغربي .ويزيد الماوردي التأكيد قائلا: “بما أن واحدا وواحد يساوي اثنين وأن الضدين لا يلتقيان، فكل من سار على غير هذا فهو خارج إطار العقل. لكن إذا كان يمكننا، إلى حد ما، مسايرة هذا الفقيه في قوله بالاثنين كمجموع لواحدين، فإن قوله إن الضدين لا يلتقيان فكرة تجاوزها العلم والتاريخ والفلسفة. فبدون التقاء الضدين لا يمكن أن تكون هناك حركة، فبزواج الموجب والسالب تنشأ الطاقة .لو عاش حتى اليوم لرأى بأم عينيه أن بطارية مذياعه لن تشتغل إذا هو حاول أن لا يجمع بين الضدين. لذا، كان التعامل مع كل من وجد نفسه في تضاد مع المجتمع أي أنه لم يستطع التعامل بنفس قواعد المجتمع أو تمرد على بعضها، هو إيداعه في مارستان، أي ذلك المكان الذي يُجَمَّعُ فيه كل الذين ظهرت عليهم بعض علامات عدم السير في الطريق التي رسمها المجتمع.
موليم لعروسي
تتمة المقال تجدونها في العدد 101 من مجلتكم «زمان»