مهد مؤتمر الجزيرة الخضراء دخول الأطباء الفرنسيين إلى المغرب، وبذلك كانوا من الأوائل الذين عبدوا الطريق للحماية، لكن موقف الوطنيين ظل إيجابيا اتجاه الطب الكولونيالي.
مؤكد أن الوضع الصحي في المغرب قبل الحماية الفرنسية كان في حالة متردية خاصة مع المجاعات والأوبئة التي كانت تضرب المغرب بين الحين والآخر، وعجز المغاربة عن مواجهتها، فكانت تحصد منهم الآلاف. وكذا نتيجة ضعف التطبيب وانتشاره، حيث كان إقبال المغاربة على “الطب” الشعبي، والاعتقاد في بركة الأولياء، الأحياء منهم والأموات، للاستشفاء أمرا باديا. وقد لاحظ الفرنسيون، قبل توقيع عقد الحماية، هذا الوضع الصحي، واتخذوه أحد ذرائع الاستعمار، بدعوى إنقاذ المجتمع المغربي مما يطاله من آفات صحية وموت زؤام. مؤكد، أيضا، أن الوضع الصحي للمغاربة لم يتغير بشكل كبير مع مجيء الاستعمار الفرنسي، وإن طرأ عليه تحسن نتيجة الحد من الأوبئة وانتشارها، وعلاج بعض الأمراض.
صناع التدخل السلمي
تشكلت البعثات الطبية الفرنسية الأولى إلى المغرب منذ بداية القرن العشرين، فقد مهد عقد الجزيرة الخضراء سنة 1906 دخول الأطباء الفرنسيين إلى البلاد، وجعل فرنسا، منذ ذلك الحين، تقيم مستوصفات ببعض الحواضر (فاس، مراكش، الصويرة، الجديدة، العرائش). وقد نُعت أطباء هذه البعثات الطبية الفرنسية بـ”صناع التدخل السلمي”، وإن كانوا في واقع أمرهم مصلحة استعلامات. سنة بعد التاريخ المذكور، وتحديدا في مارس 1907، إثر مقتل الطبيب موشان، اقتحمت الجيوش الفرنسية تخوم المغرب الشرقية، معلنة بداية الاحتلال العسكري للمغرب، مما أدى إلى تراجع دور الأطباء المبعوثين وتعويضهم بالأطباء العسكريين الذين أسهموا في تمكين فرنسا من وضع يدها على البلاد.
ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 24 من مجلتكم «زمان»