لم تتوقف الحماية عند مجرد فتح عيون المغاربة على فنون حديثة ووسائل تواصل لم يكن لهم عهد بها من قبل: المسرح، السينما، القصة، الراديو، التلفزيون. لقد كان الأهم هو أن الحماية خلقت ثقافة عيش جديدة لدى المغاربة: في الأكل، اللباس،السكن، والتسوق.
كانت الأربع والأربعون سنة من عمر الحماية الفرنسية كافية لغرس بذور نمط عيش جديد في أوساط المغاربة. نمط هو وليد التحولات الاجتماعية العميقة التي عرفها المغرب خلال هذه الفترة. مست هذه التحولات “كل الهياكل التقليدية لحياة السكان، وجمعت في الوقت ذاته بين العمق وسرعة التغيير. فلقد تضاعف عدد المغاربة في مدة تقل عن نصف قرن، وتسارعت وتيرة التركز الحضري، وظهرت طبقة عمالية وبروليتاريا عصرية، كما تغيرت البنيات الحضرية والقروية وأنماط الحياة بالمدن والبوادي، حيث ضعفت البنية القبلية، ومنع الرق بحكم القانون وتقوت الفردانية، وأخذت تكتسح حياة الفرد والجماعة وظهرت العائلة النووية واتسع نطاقها، واقتحمت المرأة المجال العمومي، وبالإضافة إلى كل هذا، برزت نخب جديدة وشاعت الملكية الفردية. وتغير اللباس وتطورت بنية السكن واهتزت القيم المجتمعية وانتشرت اللغات الأجنبية، والمعارف العصرية وظهرت أشكال تعبيرية وتواصلية جديدة، كالصحافة والسينما والمذياع، كما ظهرت أساليب مبتكرة للتنظيم السياسي من خلال الأحزاب والنقابات”، كما ورد في كتاب “تاريخ المغرب”، الصادر قبل سنوات قليلة عن المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 24 من مجلتكم «زمان»