يقدم أحمد العراقي، الوزير الأول ووزير الخارجية مرتين، في هذه الشهادة الحصرية لـ«زمان»، تفاصيل دقيقة حول العلاقات مع الجزائر في مرحلة مفصلية لعهد الحسن الثاني، تميزت بمحاولتين انقلابيتين.
انعقدت سنة 1969 بإفران أول قمة بين المغرب والجزائر، بعد سنوات من القطيعة منذ حرب الرمال في أكتوبر 1963. ماذا كان دورك في ذلك السياق؟
كانت العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، شبه مقطوعة، إلى حدود سنة 1969، رغم وجود سفارتين لكلا البلدين في الرباط والجزائر العاصمة. في يوليوز 1968 كنت رفقة جلالة الملك في جولة بالمناطق الشمالية للمملكة، وأثناء وصولنا إلى مدينة وجدة اقترحت على جلالته، وقد كنت أشغل ساعتها منصب وزير الخارجية، أن نشارك في مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية، الذي كان ينعقد في نفس الوقت، بالجزائر. فرد علي أنه لا يرى مانعا من المشاركة على أساس أن لا يتعدى مقامه في الجزائر 24 ساعة، وكذلك كان.
شكل قدوم وفد مغربي رسمي على أعلى مستوى، يترأسه الملك، إلى الجزائر، مبعث سرور كبير لدى الرئيس الجزائري هواري بومدين. هنالك دعا الحسن الثاني، بومدين للمجيء بدوره إلى المغرب. في 12 يناير 1969 جاء الرئيس الجزائري ووزير خارجيته عبد العزيز بوتفليقة إلى إفران، لنوقع اتفاقية الصداقة وحسن الجوار والتعاون في 15 من نفس الشهر.
ماذا عن موضوع الحدود؟
ترسيم الحدود بين المغرب والجزائر مشكلة قديمة ورثناها عن الاستعمار الفرنسي، كما هو معروف، بحيث ظل الفرنسيون يقتطعون أجزاء من التراب المغربي على طول المناطق الشرقية ويلحقونها بالجزائر التي كانوا يحتلونها منذ 1830. أثناء الثورة الجزائرية حاولت السلطات الفرنسية توقيع اتفاق للحدود مع المغرب، لكننا رفضنا ذلك على اعتبار أن التفاهم مع الفرنسيين كان يعني حينها توجيه طعنة من الخلف للثورة الجزائرية والحكومة المؤقتة، واعترافا بالسيادة الفرنسية على الجزائر. وقد جاء فرحات عباس، رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة، إلى المغرب ومعه عبد الحفيظ بوصوف، وزير الدفاع، ولخضر بنتوبال، وزير الداخلية، وأحمد يزيد، وزير الإعلام، وتم توقيع اتفاق بينهم وبين محمد الخامس في المحمدية سنة 1961، وأكد الاتفاق على أن «مشكلة الأراضي التي أقرت فرنسا حدودها بصفة جائرة سيوجد لها حل بالمفاوضات بعد استقلال الجزائر».
حاوره إسماعيل بلاوعلي
التتمة في العدد 9 من زمان