راهن المرينيون على فرض عملتهم، ليدخلوا في حرب ضد العملة الموروثة عن أسلافهم الموحدين، وضد العملات المزيفة. لكن العملة الموحدية ظلت صامدة إلى أواخر عهد المرينيين. كواليس حرب نقدية.
لا يخفى أن كل سلطة صاعدة تسعى إلى سك عملة خاصة بها تحمل شعارها كرمز لمركزية السلطة ووسيلة لتدعيمها، وقد حاولت السلطة المرينية السير في هذا المنحى حتى قبل إسقاط السلطة السابقة الموحدية. فقد ضرب المرينيون في فاس نقدا قبل الدخول إلى مراكش، والإسقاط النهائي للسلطة الموحدية، وذلك باسم عثمان بن عبد الحق الذي قاد القبائل المرينية، ثم استمروا في النهج نفسه دون أن يستطيعوا تجاوز تقليد العملة المتداولة، حيث قام السلطان أبو يوسف يعقوب، بعد تقعيد الحكم المريني، بأول إجراء نقدي لتنظيم المبادلات، وضمان رصيد من القوة للعملة المرينية، إذ «منع أن يجوز من النقود إلا ما كان عليه سكته، أو على قدر ذلك وصفته وجودته، واختار من جيد تلك النقود المحمدية المنسوبة فيما زعموا لمحمد الناصر»، حسب ابن يوسف الحكيم صاحب “الدوحة المشتبكة”. يبدو أن لجوء السلطة المرينية إلى تنظيم المجال النقدي بسك عملة، في النصف الثاني من القرن 7 هـ/ منتصف القرن 13 م، يرجع إلى عدة دوافع، يأتي في مقدمها إبراز هويتها وتأكيد سلطتها، مع الاحتفاظ على وزن سابقتها الموحدية خاصة فيما يتعلق بالدرهم الذهبي والدينار. ولعله إجراء أرغمت عليه حتى لا تهتز القوة الشرائية لهذا الأخير. ثم رصد الحركة النقدية من خلال مراقبة عملية سك العملة، بعد أن كانت قبل هذا التاريخ تتم بعيدا عن أية مراقبة جراء الاضطرابات التي رافقت المرحلة الانتقالية من الموحدين إلى المرينيين والتي دامت زهاء نصف قرن.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 51 من مجلتكم «زمان»