مكتبة السلطان السعدي المولى زيدان إحدى أنفس المكتبات في تاريخ المغرب .رغم ذلك، عجز هذا السلطان نفسه عن الحيلولة دون فقدانها سنة ،1611ولم يفلح بعده أي ممن تولوا عرش الإمبراطورية الشريفة في استعادة هذا الكنز الثمين الذي وقع في أسر الإسبان.
لماذا يواجه الباحثون صعوبات جمة في البحث في تاريخ المغرب؟. المبرر الرئيسي الذي يقدمه معظم المتخصصين، جوابا عن هذا السؤال، هو النقص الشديد في الوثائق المكتوبة، المادة الأساسية للبحث بالنسبة للمؤرخ. نقص الوثائق يعزى بدوره إلى سيادة الثقافة الشفوية في المغرب، حيث التعبير الشفوي هو الوسيلة الرئيسية لانتقال المعرفة، وهو بالتأكيد أقل مصداقية من التعبير الكتابي، بحكم التعديلات والتشوهات التي تخضع لها المعرفة المنقولة عبر الألسن مع تعاقب الأجيال. وبالحديث عن ندرة الوثائق في تاريخ المغرب، كانت بلادنا في مطلع القرن السابع عشر على موعد مع حادثة مؤسفة حرمت المغاربة من آلاف المخطوطات النادرة. كنز، ورغم مضي أربعة قرون على ضياعه، لم يتمكن أحد من استرجاعه إلى اليوم. فمع بداية القرن السابع عشر، كانت الدولة السعدية تعيش لحظات حرجة من تاريخها. فقد توفي رمز عظمتها أحمد المنصور الذهبي (1603)، وانقسمت الدولة بين مراكش وفاس. لكن ما ميز كثيرا عددا من سلاطين هذه الدولة هو اهتمامهم الشديد بالعلوم، فكانوا فقهاء وأدباء، كالمنصور الذهبي وابنه المولى زيدان، فأسسوا مكتبات ضمت بين جدرانها نفائس المخطوطات. لكن التضعضع الذي ضرب الدولة السعدية لم يهدد كيانها السياسي فقط، بل هدد بالضياع آلاف الكنوز من المخطوطات التي راكمها السلاطين السعديون على امتداد أجيال. ومن أشهر ما ستفقده الدولة السعدية، ومعها المغرب، خلال هذه الفترة، الخزانة الزيدانية، وهي مكتبة السلطان المولى زيدان، وتحوي آلاف المخطوطات في مختلف المجالات وبلغات متعددة. كانت هذه الخزانة إرثا جمعه المولى زيدان، من أسلافه، خاصة والده أحمد المنصور وأخويه المأمون وأبي فارس.
سامي لقمهري
تجدون تتمة المقال في العدد 15 من «زمان»