يبدو أن حزب العدالة والتنمية يعيش أحلك أيامه، بالرغم من عودة بنكيران إلى قيادة الحزب، فبعد “نكسة “8 شتنبر، جاءت مبادرة جديدة تنم عن ”أولى بوادر الانشقاق”. فما حكاية هذا الشرخ القائم؟
أعلن القيادي في حزب العدالة والتنمية “البيجيدي“ عزيز الرباح، مؤخرا، عن تجميد عضويته وتأسيس رابطة أطلق عليها “الوطن أولا ودائما“، تضم أعضاء آخرين من الحزب وغير منتمين، وتصب اهتمامها على الشأنين السياسي والاجتماعي، كما أعلن أنه لم يعد يملك ما يقدمه للحزب. هذه التصريحات جاءت إيذانا وتأكيدا للخلافات التي راكمها الحزب “الإسلامي“، بل واعتبرها البعض «بداية انشقاق فعلي للحزب».
بالرجوع قليلا إلى الوراء، نجد أنه منذ اللحظات الأولى لـ“نكسة“ الحزب في استحقاقات 8 شتنبر من سنة ،2021 لاحت بوادر “الانشقاقات“، والتي تزعمتها أصوات غاضبة اعترضت على تسيير شؤون الحزب من طرف الأمانة العامة، وتأكدت الضغوطات بإذعان قياديي الحزب وتقديم استقالتهم .لكن هذه الأصوات بالرغم من انتصارها وإعادتها عبد الإله بنكيران على رأس الحزب، إلا أن ذلك أحدث هذه المرة شرخا ظهرت أولى علاماته بمبادرة الرباح.
بعودة بنكيران، عادت الحزازات هذه المرة بين رؤوس الحزب، فالخلاف بين بنكيران وبين بعض القادة ليس حديث اليوم أو نتيجة تلك الانتخابات، بل قبله بفترة، إن لم يكن دفينا منذ سنين .وقد انكشف جزء من الخلاف السنة الفارطة عندما أعلن بنكيران عن تجميد عضويته وعن مقاطعته لخمسة وزراء قياديين، كان من بينهم الرباح، وزير الطاقة آنذاك في حكومة العثماني.
يلاحظ المتتبع للشأن الداخلي للعدالة والتنمية الخلاف الذي جمع بنكيران والرباح منذ تدبير الحزب لشؤون الحكومة، وقد ظهرت الحزازات بشكل جلي بعد أزمة “تقنين الكيف“ وكذلك بعد عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل؛ إذ “قصف“ بنكيران قادة الحزب ووجه كلامه بالتحديد للرباح حينما أعرب عن قابليته للسفر إلى إسرائيل في إطار العمل الحكومي، فذكّره بنكيران بأن «وصوله لمنصب الوزير جاء فقط بمبادئ الحزب وليس بإسرائيل». أما الرباح بالرغم من حرصه الدائم على عدم الخوض في انتقاد “غريمه“، إلا أن تصرفاته خلال التحضير للمؤتمر الوطني الاستثنائي كما يقول المقربون منه، أبانت عن محاولاته المريرة لإبعاد بنكيران من «عودة تحكمه بالحزب».
وبالتمعن في رابطة الرباح، تقول ورقتها التأسيسية أنها جاءت بناء للحاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات تعزز كرامة المواطن وتماسك المجتمع وقوة الدولة، مؤكدا أنها تروم «الاستقلالية والبعد عن التقاطبات الحزبية»، وأنها مفتوحة في وجه الشباب والنساء، وستستقطب في الغالب ناقمين مثله على الحزب، فضلا عن دواعي وأهداف أخرى .لذا، يبدو من ورقة الرابطة، أن الرباح قد يكون ضاق ذرعا من محاولات تجديد الحزب، وأن مبادرته تخفي وراءها العديد من الأسرار .وبالتالي يبقى السؤال المطروح: هل سيلتحق القادة الآخرون «والوزراء الغاضبون» بهذه المبادرة أم سيُفتح الباب لظهور تيارات أخرى داخل الحزب؟