استغل تجار الصويرة الكبار علاقاتهم الاستثنائية مع السلاطين لاحتكار التصدير والاستيراد، مقابل تقديم خدمات للمخزن.
كانت التجارة الدولية في صميم الحياة الاقتصادية لمدينة الصويرة، وكان أكثر رجال المدينة تأثيرا هم تجار السلطان. إذ منحتهم علاقاتهم الاستثنائية بالسلاطين امتيازات خاصة على غيرهم من التجار، وكانوا في بعض الفترات يحتكرون تجارة التصدير والاستيراد بشكل كلي. وكانت تتاح لتجار السلطان فرص تحقيق أرباح كثيرة… كون أغلب تجار السلطان من اليهود لينطوي في حد ذاته على دلالات خاصة. غير أنهم كانوا قادرين، بصفتهم تجارا، على ممارسة نفوذهم القوي على المستوى المحلي طالما كان ازدهار المدينة رهينا بمشاريعهم وأعمالهم التجارية…
اليهود أدوات في أيدي الحكام
لقد كانت نخبة اليهود أدوات اقتصادية في أيدي الحكام. ونظرا لما تميز به يهود البلاط من معرفة باللغات الأجنبية، ونظرا لصلاتهم الدولية الواسعة بالخارج، سخروا أيضا لأداء مهام دبلوماسية. وكانت خزائن الدولة تعتمد على أنشطتهم المالية، سواء في المغرب أو في أوربا، لتزويدها بما تحتاج إليه من أموال. كما زود التجار اليهود البلاطات الملكية والأميرية، في كلتا الحالتين بوسائل الترف والترفيه وبالعدة والسلاح. وفي الأخير، كانت بين اليهود والحكام علاقات شخصية، إذ على الرغم مما يبدو من تناقض ظاهري في تلك العلاقات، فإنها كانت تزداد قوة ومتانة، لأن اليهودي والسلطان منفصلان إلى حد ما، على المستوى الاجتماعي، عن بقية عناصر المجتمع في المغرب، خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فقد كان تجار السلطان من بقايا النظام القديم بصفتها “برجوازية” اتخذت آخر جبهة لمواجهة التغلغل الرأسمالي الأجنبي.
دانيال شرويتر – مؤرخ أمريكي، مختص في تاريخ يهود المغرب
تتمة الملف تجدونها في العدد 76 من مجلتكم «زمان»، فبراير 2020