تكاد شهادات تجمع على أن محمد الخامس لم يتردد، يوما خلال الحرب العالمية الثانية، في الدفاع عن جزء من رعاياه، ورفض قوانين فيشي التمييزية والمعادية لليهود أينما كانوا. وفيما ما تزال قلة قليلة تشكك في الدور الذي اضطلع به السلطان الشاب في الدفاع بلا هوادة عن رعاياه اليهود، يرى آخرون، مثل الكاتب والصحافي الفرنسي غيوم جوبان، “أن الموقف الشجاع، الذي أبان عنه محمد الخامس، إزاء قوانين حكومة فيشي، ساهم في إنقاذ حياة نحو 250 ألف يهودي مغربي من اضطهاد وهمجية ألمانيا النازية”.
على نفس المنوال، يسير المؤرخ حاييم الزعفراني، مستندا إلى وثيقة عثر عليها في أرشيف “كي دورساي”، بالعاصمة الفرنسية باريس، في عام 1985. وهي الوثيقة التي ضمها في كتابه “ألفا سنة من حياة اليهود في المغرب”.
يتعلق الأمر، في الحقيقة، ببرقية بعثها بها، يوم 24 ماي 1941، أحد عملاء نظام فيشي في المغرب، تحت عنوان “انشقاق”، ويتطرق فيها إلى موقف محمد الخامس من اليهود.
فيما يلي ما جاء فيها بتصرف: “علمنا من مصدر موثوق بأن العلاقات بين سلطان المغرب والسلطات الفرنسية قد توترت، بشكل ملموس، منذ أن قررت الإقامة تطبيق المرسوم المتعلق بإجراءات ضد اليهود، رغم المعارضة الرسمية للسلطان…
إنه يرفض التمييز بين رعاياه، لأنهم كلهم “مخلصون”، على حد قوله. ولأنه انزعج من كون السلطات الفرنسية تسخر منه، فإنه قرر التنصل من الإجراءات ضد اليهود علنا، واختار مناسبة عيد العرش لإظهار ذلك أمام الملأ.
اعتاد السلطان على أن يقيم، بمناسبة هذا العيد، حفلا كبيرا يحضره مسؤولون فرنسيون وشخصيات بارزة من الأهالي. لكن السلطان دعا، لأول مرة، ممثلين عن الطائفة اليهودية إلى الحفل، واختار لهم أفضل الأماكن بالقرب من الضباط الفرنسيين. بل إنه، حرص بنفسه أن يقدم الشخصيات اليهودية الحاضرة. وحين أبدى المسؤولون الفرنسيون اندهاشهم، صرح السلطان: لا أوافق، بأية حال من الأحوال، على القوانين الجديدة المعادية للسامية، كما أرفض أن أشارك في إجراء لا أوافق عليه. وأود أن أبلغكم أن اليهود سيظلون، كما في الماضي، تحت حمايتي، وأرفض أي تمييز بين رعاياي…”.
أي نتيجة
View All Result