رسم الملك، في خطاب العرش، خارطة طريق تتخللها مجموعة إجراءات تقنية تنفذها الحكومة لتجاوز الأزمات الاجتماعية، وجدد الملك تأكيده على عدم شعبية من وصفهم بـ”العدميين” و”السلبيين” و”بائعي الأوهام”.
من مدينة الحسيمة، ألقى الملك محمد السادس خطاب العرش بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لوصوله إلى الحكم. وقد خصص جزءا هاما من متن “خطاب الريف” للمسألة الاجتماعية. واعترف الملك بوجود بعض الأشياء التي لا تجري على ما يرام، قائلا: «إذا كان ما أنجزه المغرب وما تحقق للمغاربة، على مدى عقدين من الزمن يبعث على الارتياح والاعتزاز، فإنني في نفس الوقت، أحس أن شيئا ما ينقصنا، في المجال الاجتماعي». ولتجاوز هذا التعثر، وضع الملك خارطة طريق تمثل تصور السلطات العليا في البلاد لتطوير النموذج التنموي المغربي والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين، وتابع: «ليس من المنطق أن نجد أكثر من مائة برنامج للدعم والحماية الاجتماعية من مختلف الأحجام، وترصد لها عشرات المليارات من الدراهم، مشتتة بين العديد من القطاعات الوزارية، والمتدخلين العموميين». ولهذا الغرض، وجه الحكومة وبقية الفاعلين المعنيين للقيام بإعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، داعيا إلى تقديم اقتراحات بشأنها. في الآن نفسه، دعا الملك الحكومة إلى اتخاذ إجراءات فورية على المستوى الاجتماعي من أبرزها: إعطاء دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تصحيح الاختلالات التي يعرفها برنامج التغطية الصحية “راميد”، والإسراع بإنجاز الحوار الاجتماعي. كما شكل خطاب العرش إعلانا عن عودة قوية للملكية التدبيرية من خلال المشاركة المفصلة في صنع السياسات العمومية ووضع الأسس التنظيمية والتشريعية لها. حيث تناول الملك، بشكل دقيق، ملف الاستثمار، وحدد الأوراش الاستعجالية التي يعين الإسراع بإطلاقها: إصدار ميثاق اللاتمركز الإداري، الإسراع بإخراج الميثاق الجديد للاستثمار، واعتماد عدد من النصوص القانونية المرتبطة بعلاقة الإدارة بالمستثمرين. وإذا كان خطاب العرش لسنة 2017 قد وجه نقدا لاذعا للأحزاب السياسية، فإن خطاب هذه السنة خلا من هذه النبرة. فقد شدد الملك على أهمية المجهودات التي تقوم بها الأحزاب من أجل النهوض بدورها. ودعاها إلى استقطاب نخب جديدة من جيل الشباب، وإلى تجديد أساليب ووسائل اشتغالها. من جهة ثانية، اتسمت لغة رئيس الدولة بالصرامة وعدم التساهل في مواجهة «من يستغلون بعض الاختلالات» لتهديد الاستقرار والأمن وإشاعة الفوضى والفتنة واصفا هؤلاء بأنهم “عدميون” و”سلبيون” و”بائعو أوهام”.