أملت الظروف الصعبة، التي عاشها المغرب في أواخر النصف الأول القرن الـ19، تأسيس دار النيابة السعيدة بطنجة لتكون صلة وصل مع القناصل الأوربيين الذين استقروا بالمدينة.
تأسست دار النيابة بطنجة في عهد السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام (1822-1859)، وقد أملى ذلك الظروف الصعبة التي أضحى المغرب يعيشها في ظل الإرهاصات الأولى للتحرش الاستعماري بأراضيه، حيث كانت الحاجة ملحة للحد من التسرب الأوربي في التراب المغربي، وتخصيص مؤسسة تضطلع بمهمة الوساطة بين المخزن وممثلي الدول الأجنبية. لذلك، اعتبرت دار النيابة السعيدة بطنجة واجهة دبلوماسية للمغرب مع الدول الأجنبية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، استقر بها مسؤولو البعثات الدبلوماسية الأوربية المعتمدين آنذاك بالمغرب، وكان من حوافز اختيار موضعها، موقع المدينة الساحلي القريب من أوربا، وكذا بعدها عن العاصمتين التقليديتين فاس ومراكش. وقد اتخذت دار النيابة السلطانية في البداية منزل محمد الخطيب مقرا لها، ثم تحولت منه بعد ذلك إلى الموقع الحالي للبناية بشارع الصياغين مع النائب السلطاني الحاج محمد العربي الطريس.
ظرفية معقدة وإرهاصات قسرية
أصبحت طنجة، خلال العقد الأخير من القرن الثامن عشر، مدينة تجمع بها قناصل الدول المعتمدون بالمغرب، وذلك بعد تراجع مركزية تطوان الدبلوماسية حيث خلفتها في هذا الدور الحساس طنجة التي تعززت وظيفتها بتوافد الأجانب عليها.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 74 من مجلتكم «زمان»، دجنبر 2019