فتح دستور 2011، أخيرا، أبواب السلطة التنفيذية أمام رئيس الحكومة، ليبدأ صراع جديد حول تأويل الدستور. لم تنته إذن مسيرة هذه المؤسسة الطويلة للخروج من قفص الصدر الأعظم. عودة لجذور الأزمة.
ينسب للحسن الثاني قوله إنه يستطيع تعيين أي كان وزيرا أول، ولو اقتضى الأمر أن يختار سائقه لهذه المهمة. ليس لهذا التصريح المنسوب للملك الراحل أثر موثق في خطبه المحفوظة، رسميا، لكنه ظل متداولا منذ أوائل السبعينات، كناية على التقليل من قيمة هذا المنصب الأساسي في الجهاز التنفيذي، الذي يفترض أن يخول صاحبه مسؤوليات جسيمة في تسيير الحكومة. خاصة وأن الأمر كان يتعلق، حينئذ، بشخصيات وطنية من قيمة علال الفاسي وعبد لله إبراهيم وعبد الرحيم بوعبيد، رشحت لرئاسة حكومة تقودها “الكتلة الوطنية” وتدشن عهدا جديدا، في أعقاب المحاولة الانقلابية الأولى لسنة 1971. لم يكن أولئك القادة، في تلك الظروف، مستعدين لتولي وزارة أولى صورية، لا يملكون فيها سلطات فعلية في تشكيل الحكومة وإعداد برنامجها وتطبيقه. من جهته، لم يكن الملك مستعدا، بعد، للانتقال إلى هذا المستوى من تقاسم السلطة، أو العودة إلى أجواء السنوات الأولى للاستقلال، حين كان بوسع الحركة الوطنية أن تصارع لانتزاع رئاسة الحكومة وما يمكن انتزاعه معها من سلطات تنفيذية فعلية.
فشلت محاولة التقارب هاته، وبقي “الوزير الأول” أشبه ما يكون بالشبح، لا يكاد يملك أية سلطة فعلية على الحكومة، والإدارة، فضلا عن وزارة الداخلية وباقي وزارات السيادة… أبعد ما يكون عما كانت تأمله النخبة الإصلاحية منذ أوائل القرن الماضي، حين تصورت “الوزير الأكبر” على رأس السلطة التنفيذية في نظام ملكي دستوري، كما يدل عليه مشروع دستور 1908، الذي بقي حبرا على ورق.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 43 من مجلتكم «زمان»