حققت الرأسمالية الفرنسية بالمغرب قفزة هائلة، بفعل ظروف الحرب العالمية الثانية. لكنها سرعان ما واجهت بروز الحركة الوطنية. فأي دور لعبته في هذه الفترة الحاسمة من الوجود الفرنسي بالمغرب؟
وجدت الرأسمالية الفرنسية في الجزائر والمغرب وتونس ملجأ آمنا في ظل ظروف الحرب العالمية الثانية. فقد أدى الدمار والاضطرابات السياسية في سياق قيام نظام فيشي بالعديد من رجال الأعمال الفرنسيين إلى توجيه أنشطتهم نحو هذه المستعمرات الأقل اضطرابا. في هذا السياق، تطورت الأنشطة الصناعية والتجارية بالمغرب، وخاصة الدار البيضاء، على نحو متسارع، ونمت فئة مؤثرة من رجال الأعمال الفرنسيين المعمرين. تدريجيا صارت هذه الفئة، ومعها قطاع واسع من المعمرين، صاحبة تأُثير حاسم في القرار السياسي بالمغرب. فقد استطاع كبار رجال الأعمال المسيطرين على الاقتصاد المغربي ربط صلات وثيقة مع إدارة الحماية، في وقت بدأت فيه هذه الأخيرة تستقل شيئا فشيئا عن باريس، وترسخ نظام الإدارة المباشرة بعيدا عن مقتضيات معاهدة الحماية. كما لعب هؤلاء الرأسماليون الكبار دورا مؤثرا في صناعة وتوجيه الرأي العام المحلي من خلال سيطرتهم على عدد من الجرائد. هكذا، يظهر أثر الرأسمالية الفرنسية، في كواليس الأحداث المفصلية لتلك المرحلة، سواء في تشكيل الجبهة التي تآمرت ضد السلطان محمد بنيوسف، أو صياغة السياسية العدائية تجاه الحركة الوطنية، أو في محاولة الخروج بأقل الخسائر عندما بات مؤكدا أن المغرب يتجه نحو استرجاع سيادته. بل واستمر هذا التأثير، في كواليس العلاقات الفرنسية المغربية، بعد الاستقلال، ولم تكن السلطات الفرنسية تتردد في استعمال ما يمكن من وسائل الضغط على المغرب كلما رأت في توجهاته الرسمية ما يشكل مسا بمصالح المقاولات الفرنسية في المملكة.
يونس مسعودي
تتمة الملف تجدونها في العدد 52 من مجلتكم «زمان»
عموميات حول التاريخ