رغم أن الزاوية الناصرية، أو زاوية تامگروت، لم تبد يوما اهتماما كبيرة بالسياسة، إلا أن علاقتها بحكام المغرب لم تكن دوما طيبة. فهذه الزاوية، التي تأسست على يد عمرو بن أحمد الأنصاري سنة1575 ، اتخذت موقفا بدا معاديا للدولة العلوية، حديثة العهد حينها .ورفض شيوخها الخطبة للملوك العلويين على المنابر. بيد أن هذا الموقف لم يكن انطلاقا من اعتبار سياسي، بل نابعا من رغبة شيوخ الزاوية في عدم السقوط في «البدعة»، حيث ينظر أحيانا إلى الدعاء للسلطان فوق المنابر على أنه نوع من «البدعة».
كاد هذا الموقف يؤزم العلاقة بين الزاوية والدولة العلوية. فحسب ما ورد في كتاب «طلعة المشتري في النسب الجعفري»، لأحمد بن خالد الناصري، فإن الشيخ محمد بن ناصر الذي تصادف عصره مع المولى الرشيد، لم يخطب لملك قط. فلما بلغ الأمر إلى السلطان العلوي أرسل إليه يهدده ويأمره بالمجيء إليه، وإلا سينزل به وبزاويته أشد العقاب. فلما وصلت الرسالة إلى الشيخ بتامكروت، قرأها ولم يزد أن كتب في أسفلها: «فاقض ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا». استشاط السلطان غضبا لجواب الشيخ، وأعلن عزمه على معاقبته وجهز من أجل ذلك كتيبة عسكرية، قبل أن يتراجع، مكتفيا بالقول: «ولله ما يخرج هذا الخطاب من قلب فارغ ولا حاجة بنا إلى إذايته فإن شاء خطب، وإن شاء ترك». ولم يتغير هذا النهج في عهد خلفه أحمد بن محمد بن ناصر، فقد رفض الشيخ الجديد الدعاء للمولى إسماعيل في خطبة الجمعة. وكان موقفه، مثل والده، نابعا من اعتبارات دينية، فقد كانت الزاوية الناصرية معروفة بنزعتها «السلفية» المناهضة لـ«البدع»، حتى أن أحد منتسبيها المتأخرين، محمد بن عبد السلام الناصري، كتب كتابا أسماه «المزايا فيما أحدث من البدع في أم الزوايا» لانتقاد البدع التي تسربت إلى الزاوية الناصرية في عهودها المتأخرة.
أي نتيجة
View All Result