أصدر علماء مغاربة فتاوى تحرم الحماية وكفر بعضهم المحميين، غير أن تلك الفتاوى ظلت حبرا على ورق أمام مخزن زاد تسلطا وجشعا، وضرب عرض الحائط بكل القيم الدينية والمجتمعية.
«الويل والثبور لمن احتمى بالبصبور»، هذا هو عنوان الخطبة التي حررها العالم علال بن عبد لله الفاسي الفهري، المتوفى سنة 1896، ليندد فيها بما صار بلية بالنسبة للعلماء وأهل المروءة أواخر القرن التاسع عشر، عندما بدأ بعض الناس من التجار وذوي الوجاهة يتهافتون على طلب حماية النصارى ويديرون بذلك ظهرهم لسلطة المخزن ومن ولاه لله أمر المسلمين.
المرجع الشرعي
أصل مواقف العلماء من ظاهرة حماية النصارى للمسلمين هو النصوص الشرعية التي حددت علاقة المسلمين بغيرهم من أهل الملل الأخرى من نصارى ويهود ومجوس. ويمكن إجمال المرجع الشرعي بهذا الخصوص في أن دين الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. لقد حدد الإسلام لأهل الكتاب من نصارى ويهود مكانتهم الخاصة في إطار المجتمع الإسلامي، وهي ما يعرف بوضعية الذمة التي تُمتع معتنقي هذه الديانات بحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، مع أداء ضريبة الجزية للتعويض عن الخدمات التي لا يؤديها أهل الذمة كالخدمة العسكرية، وكذلك كمقابل عن الحماية التي يتمتعون بها والتي تضمن لهم الأمن في أنفسهم وممتلكاتهم، في إطار حكم ذاتي يتدبرون فيه شؤونهم الإدارية والقضائية حسب مقتضيات دينهم.
محمد المنصور
تتمة الملف تجدونها في العدد 69 من مجلتكم «زمان»، يوليوز 2019