ظهرت، في العصر الموحدي، نخبة عسكرية تميزت في الحروب والمعارك، وتمكنت من مراكمة الثروات إلى حد أنها أصبحت تهدد الدولة ذاتها.
لا تسمح النصوص التاريخية الوسيطية بالحصول على معلومات كافية لرصد سيرة كبار قادة الجهاز العسكري في الدولة الموحدية. ولا يرجع ذلك إلى تقصير من هذه المصادر، بقدر ما هو مرتبط بغياب مؤسسة عسكرية قارّة لها أجهزتها وأطرها الإدارية التي تدبّر شؤون الجيش. ذلك أن حضور هذه المؤسسة يَكُونُ في غالب الأحيان ظرفيا، ويتجلى ذلك في فترات الإعداد للمعارك سواء منها المرتبطة بالمواجهات مع المعسكر المسيحي في الأندلس، أو تلك المتعلقة بِتوَسّعِ الدولة في شمال إفريقيا، وإخضاعها لمناطق بالمغرب الكبير تحت السيادة الموحدية. لذلك، يبقى حضور كبار موظفي الجهاز العسكري باهتا في المادة المصدرية الوسيطية، غير أن النصوص تكشف أحيانا عن بعض الأخبار، التي تساعدنا على اقتفاء أثر هذه الفئة، وتتبّع بعض أخبارها بما يُفيدنا في استجلاء صورة عن كبار رجالات الجهاز العسكري عند الموحدين، خاصة في فترة قوة الدولة منذ عهد الخليفة عبد المؤمن إلى وفاة الخليفة محمد الناصر وذلك ما بين 541 و610هـ/1147 و1213م.
كبار رجالات العسكر
لا تذكر المصادر بشكل صريح ما يُصطلح عليه بكبار الضباط، غير أننا نجد صيغا أخرى تُفيد ما يمكن تسميته بالأطر العليا في المؤسسة العسكرية الموحدية. ذلك أن الوزراء هم من كانوا يقومون في غالب الأحيان بالإشراف على تسيير شؤون الجيش، خاصة أثناء المعارك والحروب، فيتحوّل دورهم من تدبير الشؤون الإدارية والسياسية إلى الاهتمام بقضايا ذات طبيعة عسكرية.
محمد العمراني
تتمة الملف تجدونها في العدد 69 من مجلتكم «زمان»، يوليوز 2019