يمكن اعتبار ما قام به الاتحاديون في أوج معارضتهم، بداية الستينات، من أغرب المطالب التي نادوا بها خلال مسارهم التقدمي اليساري، وذلك عندما طالبوا بالرجوع إلى الإسلام الأصلي وتحويل الكنائس إلى مساجد، ومنع الكحول.. ومطالب أخرى.
في 15 يونيو 1964 قدم نواب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ما يعرف بملتمس الرقابة ضد السياسة الاقتصادية والاجتماعية لحكومة باحنيني. خلالها، عملت المعارضة على التقارب مع نواب الحركة الشعبية من أجل مواجهة الحكومة وإفشالها.
كانت مرحلة شد وجذب شائكة بين المعارضة والحكومة حول إقامة دورة استثنائية في البرلمان قبل وقتها المعتاد، أي الدورة العادية. فمن جهتها، كانت المعارضة مصرة على إقامة دورة استثنائية لأهمية القضايا المستعجلة، لكن الحكومة اعترضت بدعوى أن المواضيع المقترحة لا تحمل طابع الاستعجال. الأمر الذي أدى إلى اللجوء إلى التحكيم الملكي. لكن قرار الملك كان يخدم الحكومة بشكل كبير نظرا لقراره إقامة الدورة الاستثنائية قبل أيام قليلة من عقد الدورة العادية.
يفصل أستاذ القانون الدستوري عمر بندورو، في كتابه “النظام السياسي المغربي” في هذه الوقائع التي حدثت بين الاتحاديين والحكومة. ويضيف أن المعارضة عندما وجدت نفسها غير مستفيدة من التحكيم الملكي، ولم تجن منه ما طمحت إليه، اتجهت إلى البحث عن بدائل للتشويش عن عمل الحكومة وإفشال مشاريعها. “من أجل ذلك، ستطور علاقتها الودية مع الحركة الشعبية للبحث عن وسيلة تمكنها من إسقاط الحكومة. لبلوغ هذا الهدف ستنادي بتطبيق عدة مبادئ ليست بالضرورة من أولوياتها، كالنداء الذي وجهه الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من أجل العودة إلى الإسلام الأصلي وتحويل الكنائس إلى مساجد، كما طالبت المعارضة بمنع الكحول ولعب الحظ (المقامرة) واليانصيب الموجهة للمسلمين”، يقول الأستاذ بندورو.
عدم الانسجام هذا بين البرلمانيين والضغط على عمل الحكومة، سيراكم عدة مشاكل دفعت الملك الحسن الثاني إلى الإعلان عن حالة الاستثناء في سنة 1965 وتعليق عمل الحكومة، مبررا قراره بضرورة سد ثغرات دستور 62، ولعجز الأحزاب عن تكوين حكومة اتحاد وطني.