جدل واسع أثاره مشروع قانون العقوبات البديلة الذي اقترحته الحكومة الحالية للمغرب، وصادق عليه مجلس النواب بموافقة 115 نائبا، ومعارضة 41نائبا وامتناع 4 نواب عن التصويت، بين مؤيد لهذه السياسة الجنائية الحديثة، نظرا لمساهمتها في الحد من الجريمة والاكتظاظ الحاصل في السجون، وبين معارض لها باعتبار ما تشمله من عقوبات لا يتوافق والخصوصية الثقافية والاجتماعية. فما المقصود بالعقوبات البديلة؟ وما تاريخ إحداثها وتطبيقها بمختلف دول العالم؟ وما أنواع العقوبات التي عرفها المغرب؟ وما فحوى الجدل الدائر اليوم حول القانون؟ وما هي أبرز هذه العقوبات التي جاء بها القانون الجديد؟
يعرف الفقهاء العقوبات بـ«الزواجر التي شرعها لله تعالى للردع عن ارتكاب ما حظر وترك ما أمر، ليروع بها ذوي الجهالة حذرا من ألم العقوبة»، فيما يرى القانونيون أن العقوبة بأنها «الجزاء الموقع على المجرم حال ثبوت الجريمة بأركانها وحال مسؤولية المجرم ودرجتها»، وفي الفقه الجنائي العقوبة هي «جزاء يقرره القانون ويوقعه القاضي على من ثبتت مسؤوليته على فعل يعتبر جريمة في القانون ليصيب به المتهم في شخصه أو ماله أو شرفه». ولها أشكال عديدة، منها ما هو سالب للحياة كالحكم بالإعدام والقصاص، ومنها العقوبات البدنية كالجلد وقطع يد السارق، ومنها السالب للحرية كالسجن، ومنها الجزاءات المالية، والعقوبات الماسة بالاعتبار كالتشهير، والقصد منها جميعا ردع الجناة بغية الحلول دون استفحال الجريمة وانتشارها في المجتمع، فهي إجراء احترازي يهدف إلى ضمان تماسك المجتمع وحفاظا على أمنه واستقراره.
العقوبات البديلة، حسب فقهاء القانون، هي مجموعة من الجزاءات تحل محل العقوبات التقليدية، فهي عقوبات غير سجنية ضد المذنبين، ولها أشكال وأنواع متعددة، تجتمع كلها في كونها لا تسلب حرية المحكوم عليه بأكملها، وإنما تقيد حريته في ممارسته لأمور حياته دون سلبها كليا، وتكون إما بوقف إدانة المتهم و تعليق تنفيذ العقوبة فور صدور الحكم بها، على شرط موقوف خلال فترة من الزمن يحددها القانون، فإذا لم يتحقق الشرط، فإن الحكم بالإدانة يعد كأنه لم يكن، أما إذا تحقق فتنفذ العقوبة بأكملها، وقد تكون عن طريق الاختبار القضائي، وذلك بوضع المحكوم عليه تحت الاختبار القضائي لمدة محددة أو غير محددة وفقا لما تراه المحكمة وما تصنعه من شروط، وتعهد بها لهيئة مختصة تشرف على تنفيذها، فإذا أخل الجاني بأي من الشروط المفروضة عليه، فإن المحكمة تحدد عقوبة بموجب حكم يصدر عنها أو تنفذ بحقه العقوبة المحكوم بها، والتي تم تعليقها بموجب الالتزامات المفروضة عليه.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 122 من مجلتكم «زمان»