على الرغم من الأرقام المهولة حول ظاهرة الانتحار بالمغرب، إلا أن الكتابات حول الموضوع “تتحاشى” الخوض فيها، وذلك لأسباب تتعلق بعضها بـ”الحساسية الدينية”، والأخرى بأبعاد الواقعة الاجتماعية .تلقي هذه السطور الضوء على بعض الجوانب التاريخية للانتحار بالمغرب قديما وحديثا.
تستعصي دراسة ظاهرة الانتحار على عدة حقول معرفية؛ فمن أجل سبر أغوارها يجد الدارسون صعوبات تتعلق أولا بالأسباب المباشرة للانتحار ثم بالأشخاص المعنيين .أما من ناحية تاريخية، فإن رصد حالات وضعت حدا لحياتها، لا سيما في السياق العربي الإسلامي، يكاد يكون محدودا، ليس لقلّتها فكل المجتمعات تشهد هذه الظاهرة، بل لأن هذا الفعل يعتبر من ”أكبر الكبائر”، وقيل إن النبي لم يصلّ على المنتحر لكنه ترك أمته تفعل، وبالتالي فالحديث والتدوين عن المنتحرين يدخل في خانة غير المرغوب فيه.
تزخر الدراسات الأجنبية بكتابات عديدة عن ظاهرة الانتحار، أشهرها وأبكرها ما قام به عالم الاجتماع الفرنسي إيميل دوركايم في كتابه ”الانتحار”، الذي تتبع فيه الظاهرة في فرنسا وأوربا وقسمها إلى عدة أصناف عن طريق عملية الإحصائيات، وقد صدرت دراسته لأول مرة سنة .1897 فتحت هذه الدراسة الباب في الساحة العلمية لطرح تساؤلات ليس حول الموت فقط، بل كذلك حول الأوضاع الفردية في خضم ما تعيشه المجتمعات من تقلبات عصرية وتطورية. أما على المستوى العربي، فإن الدراسات والأطاريح، كانت وما تزال، تعد على رؤوس الأصابع.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 122 من مجلتكم «زمان»