قبل أن يلمع نجم البوليس السياسي في عهد الحسن الثاني من خلال عمليات ملاحقة واختطاف وتعذيب واغتيال المعارضين السياسيين، عرفت مرحلة ما بعد الاستقلال شرطة سرية سياسية شبيهة غلب عليها الطابع الفوضوي والارتجالي. وقد عهد إلى محمد الغزاوي رئاسة هذه الشرطة التي تورطت في عمليات تصفية جسدية لعدد من المعارضين، بمشاركة بعض أعضاء المقاومة وأجنحة داخل حزب الاستقلال أمام أعين القصر.
لديك دولة حديثة الاستقلال خرجت للتو من مرحلة وصاية أجنبية، ما هي أكثر الخطط نجاعة لبناء إدارة جديدة لتسيير شؤون الدولة الجديدة؟ كان لدى الحكم في المغرب فكرة واضحة عن كيف يجب أن تسير الأمور مباشرة بعد سنة 1956: الاحتفاظ بنفس الهيكل التنظيمي الموروث عن فرنسا، وإدماج الوطنيين الذين دعموه في هذه الإدارة الجديدة. وقد رأينا ذلك تحديدا داخل جهازي الجيش والشرطة، حيث تم استقطاب عناصر محسوبة على المقاومة وجيش التحرير، ومنحها صلاحيات واسعة داخل هذه الأجهزة الأمنية.
هكذا، إذن، وبإيعاز من التيار المهيمن داخل حزب الاستقلال، حليف الملك محمد الخامس في السنوات الأولى بعد رحيل فرنسا، تم اختيار شخصية مقربة من الحزب كانت قد عادت للتو إلى أرض الوطن بعد سنوات طويلة في المهجر في الولايات المتحدة الأمريكية. يتعلق الأمر بمحمد الغزاوي الذي سيتولى قيادة جهاز أمني سيتحول مباشرة بعد تأسيسه إلى دولة داخل الدولة، لا يخضع لمحاسبة الحكومة، وأصبح طرفا مباشرا في صراع سياسي عنيف سيبصم السنوات الأولى لمغرب ما بعد الاستقلال وسيكون له تأثير على ما سيعقب ذلك من أحداث.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 72 من مجلتكم «زمان»، أكتوبر 2019