عاش المغاربة، في العصر الوسيط، جوا بلغ فيه الظلم أوجه، كان فيه القوي يأكل الضعيف أمام أعين السلطة بل وبمباركتها أحيانا.
كان المجتمع المغربي خلال العصر الوسيط مجتمعا تراتبيا في بواديه ومدنه على حد سواء، وإن برز في هذه الأخيرة بشكل أوضح. وكان بديهيا أن يفرز التراتب الاجتماعي مظاهر سلبية عدة من بينها قهر المتنفذين، خاصة منهم أصحاب الجاه السلطوي، لمن هم دونهم. والجاه السلطوي هو ما كان يتوفر عليه شخص لتحقيق رغباته على الرغم من مقاومة الآخرين، ارتكازا على السلطة الحاكمة. وبتعبير ابن خلدون، فإن الجاه «هو القدرة الحاملة للبشر على التصرف فيمن تحت أيديهم من أبناء جنسهم بالإذن والمنع والتسلط بالقهر والغلبة». ويكون ابن خلدون بذلك منح الجاه كثافة نظرية وقوة تفسيرية، جعله يدور حول مسألة السلطة.
أهل القهر والسلطان
كانت مظاهر تسلط المتنفذين في السلطة على من دونهم من أفراد المجتمع عديدة ومتنوعة، وكان هذا الأمر يزداد حدة كلما كان الفرد فاقدا لرأسمال ما ماديا كان أم رمزيا، وإن كان التوفر عليهما أو على أحدهما لم يمنع تسلط المتنفذين. فقد شمل تسلط هؤلاء على أهل البوادي وأهل المدن على السواء. ففي مجال البادية نقف على تكرار مسائل غصب الأرض وغيرها من قبل «أهل القهر والعداء والجاه»، وإكراه أصحابها على بيعها، أو كرائها تحت ضغط جاه الكاري. من ذلك رجل كانت له «أرض تحت يد غاصب يزرعها، فأراد ربها بيعها فطلب الغاصب أن يسلم له فيها». ومن ذلك أيضا، «رجل من أهل القهر والسلطان اشترى أرضا من بعض الورثة، فظل يُسَوِّفُ في دفع قيمتها، فجاءه رجل من الورثة، فطالبه بنصيبه في تلك الأملاك.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 83 من مجلتكم «زمان»