ظهر ما يُعْرف بـ”الوقف”، في وقت مبكر داخل المجتمعات الإسلامية، كمؤسسة مكلفة بجمع التبرعات التي يقدمها المحسنون الأثرياء، خاصة في الفترات التي يعيش فيها الناس محنا بسبب الحروب أو الجفاف أو تفشي الأمراض… حينها، يعمل الوقف، في ظل ذلك، على توزيع ما جمع من تبرعات على المحتاجين ومن يستحقها، أو يمول بها بناء أو إصلاح المساجد والمارستانات والمدارس مع صرف تعويضات للقيمين عليها، كل بحسب اختصاصه، سواء كان مؤذنا أو إماما، أو فقيها أو كل مَن أتى علما يؤهله أن يكون سببا في شفاء الناس.
في المغرب، كان الوقف هو من يضطلع بمسؤولية ما يمكن تسميته، اليوم، بـ”الوظائف الاجتماعية للدولة”. بعد ذلك، برزت الزوايا كفاعل أساسي يؤطر تدبير جمع التبرعات وتوزيعها، أولا، على الفقراء والمحتاجين من الساكنة القريبة أو المحيطة بالزاوية، ثم على الوافدين وعابري السبيل الذين يطرقون بابها، من خلال تقديم الغذاء لهم، أو ما عُرِف، شعبيا، بإطعام “ضيف الله”.
وفي هذا الإطار، يمكن ذكر الولي مولاي بوعزة الشهير بلقب أبو يعزى، الذي جعل من الضيافة عقيدة كاملة في تصوفه، ودرجة من “الكمال الروحي”، وفق ما كان يردد على أتباعه. كما برز في سوس، خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، الولي سيدي أحمد أو موسى الذي كان يحث مريديه على أن يكونوا كرماء مع الفقراء وعابري السبيل و”ضيف الله”، منبها إياهم إلى أنه لا يستطيع أن يتصور ضيفا طرق باب زاويته، وغادرها و”بطنه فارغة”.
أي نتيجة
View All Result