كان المغرب، باعتبار موقعه الجغرافي وطابعه الإسلامي، مثيرا لاهتمام القوى الأجنبية وهدفا لكل الجواسيس الذين حلوا بالبلاد تحت قبعات مختلفة.
كيف كان البلاط السلطاني والمخزن يجمعان معلومات حول ما كان يقع في المغرب قبل فرض الحماية؟ يمكن القول، حتى يثبت العكس، إن أجهزة الاستعلامات لم تكن موجودة في المغرب كما هو معروف اليوم. بل يمكن الجزم أن فرنسا وإسبانيا عملتا، منذ 1912 أي سنة فرض الحماية، على خلق مصالح استعلامات خاصة بالمغرب، وكانت عسكرية في أغلبها. كانت الدولة المغربية تعاني نقصا كبيرا من حيث جمع المعلومات حول ما يقع في البلاد، وكانت تكتفي، فقط، بما يرسله ممثلو السلطان، الولاة، الباشوات، زعماء القبائل وباقي موظفي المخزن من تقارير ومعلومات حول ما يقع في الإمبراطورية الشريفة. وكانت تلك التقارير تهم، فقط، ما كان يسمى بـ”بلاد المخزن”، أما فيما يخص “بلاد السيبة”، حيث كان يصعب الولوج إليها وتعرف حالة عصيان دائم، فكان نادرا ما تتسرب معلومات، وإن حصل ذلك، فإنها كانت تصل غير مكتملة. في مقابل ذلك، كان البلاط السلطاني يتوفر على جواسيس ضمن العاملين المغاربة في المفوضيات الأجنبية وسفارات الدول الغربية، لكن لم يكن أولئك “العملاء” ليشكلوا جزءا من جهاز الاستعلامات بمفهومه الحديث.
هكذا، لم يكن المغرب قادرا على منافسة أكبر الإمبراطوريات الأوربية فيما يخص التجسس ومراقبة التجسس، كفرنسا التي أحدثت، منذ القرن السابع عشر الميلادي، ما أسمتها بـ”الغرفة السوداء”، وهي جهاز كان يعطي لنفسه الحق في فتح الرسائل البريدية المشكوك فيها.
عدنان السبتي
تتمة الملف تجدونها في العدد 36 من مجلتكم «زمان»