تزعمت لطيفة الجبابدي، بصفتها واحدة من قياديات الحركة النسائية المغربية وزعيمة لـ”اتحاد العمل النسائي” في بداية التسعينات، أول محاولة لدفع الدولة إلى إصلاح مدونة الأحوال الشخصية التي كانت تحاط بهالة من القدسية، وذلك من خلال إطلاق حملة “المليون توقيع”، وشكلت هذه المرحلة الميلاد الحقيقي للحركة النسائية المغربية. لطيفة الجبابدي تعود، في هذا الحوار، إلى كواليس إطلاق هذه الحملة، إلى معارضة بعض الأحزاب الديمقراطية لهذه الحملة، إلى المواجهة مع الإسلاميين، وإلى محاولات إدريس البصري إقصاءهم من المشاركة بآرائهم في الإصلاح.
ما هو السياق السياسي والاجتماعي العام الذي كان يعرفه المغرب قبيل إطلاق حملة المليون توقيع؟
تم إطلاق الحملة رسميا سنة 1991. وكان السياق العام هو فتح ملف الإصلاحات السياسية من طرف الدولة بدعوة من الملك الحسن الثاني. كان المناخ العام متسما بالدعوات إلى الإصلاح العام وسيادة النقاش حول ما كنا نسميه آنذاك “تنقية الأجواء”، أي إطلاق سراح المعتقلين وعودة المنفيين وإلغاء قانون كل ما من شأنه. وفي هذا السياق، كنا نعتبر، كمناضلات نسائيات، أنه لا يمكن للمغرب القيام بإصلاحات سياسية فعلية دون العمل على دمقرطة المجتمع أيضا، وليس الدولة فقط. وكان شعارنا أن لا ديمقراطية بدون نصف المجتمع، وفتحنا النقاش حول الإصلاحات التي من شأنها النهوض بحقوق النساء الأساسية، وكنا نقول إن أي إصلاح لا يأخذ بعين الاعتبار حقوق النساء لم يكن ممكنا أن نقبل به. بالنسبة إلينا، كان هناك بعدان في الموضوع. ففيما يخص البعد المتعلق بالإصلاحات السياسية، فقد بعثنا فيها مذكرة للملك حول مطالبنا المتعلقة بالإصلاح الدستوري. أما البعد الثاني فتعلق بملف إصلاح مدونة الأحوال الشخصية، وقد طرحناه باعتباره شرطا أساسيا للنهوض بأوضاع حقوق النساء. فلا حقوق سياسية تنبني على الانتهاك الكلي لحقوق النساء المدنية.
لماذا إصلاح مدونة الأحوال الشخصية؟
كانت مدونة الأحوال الشخصية، آنذاك، تكرس دونية المرأة وبنية الأسرة التراتبية والعلاقة الأسرية الأبوية وتبعية المرأة للرجل، والإهدار الكلي لحقوق النساء. كانت هذه المدونة تضفي الشرعية على التمييز وسلطة الرجل، ويمكن اعتبار هذه الخطوة التي خضناها، بعد أخذ المسافة الزمنية الكافية منها، العامل الأساسي لتفجير الوعي النسائي.
حاورها عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 53 من مجلتكم «زمان»