راهنت الدولة المغربية، أواخر العصر الوسيط، على التجارة الخارجية لدعم بيت مالها باعتبارها أهم مورد له، وكذا لتقوية كيانها، وتدبير سياستيها الداخلية والخارجية. غير أن هذا الرهان لم تكن سبله متيسرة باستمرار، وواجه العديد من العقبات ومنها عقبات الأطراف الخارجية المنافسة القريبة منها والبعيدة .فكيف تمثلت منافسة هذه الأطراف؟ وكيف واجهتها الدولة المغربية؟ وهل وفقت في مواجهتها تلك؟ أم كان مصيرها الفشل ؟
اقتضت التجارة الخارجية من الدولة المرينية التحكم في الطرق التجارية ومراقبتها، خاصة منها تلك التي كانت تؤدي إلى بلاد السودان .لهذا، دخلت الدولة في مغرب القرنين 8-9هـ/ 14-15م في منافسة مع الكيانين المجاورين الزيانيين والحفصيين، الطامحين بدورهما للسيطرة على الطرق التجارية للتجارة البعيدة المدى، والاستفادة من عائداتها. وقد ظهر التنافس بين هذه القوى بشكل جلي منذ منتصف القرن 8هـ/14م، مع إرهاصات عودة الأهمية للطرق التجارية القوافلية المتجهة من بلاد السودان نحو الشرق. أهَّلَت عدة عوامل الزيانيين في المغرب الأوسط لمنافسة المرينيين تجاريا، مستفيدين من المعطيات التضاريسية؛ فإذا كان التبر السوداني يصل بصعوبة إلى موانئ المغرب الأقصى نظرا لحاجز جبال الأطلس الكبير، فإنه كان يصل بسهولة إلى تلمسان عاصمة الزيانيين ذات الموقع التجاري المهم بين بلاد السودان وجنوب غرب أوربا، خاصة أنها توفرت على ميناء هنين القريب منها، الذي كانت تصرف منه المواد المجلوبة من بلاد السودان إلى أوربا بسهولة بالغة.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 119/118 من مجلتكم «زمان»