يتحدث محمد جادور، أستاذ التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عن الدور الذي لعبه العلماء في تاريخ المغرب السياسي، وعن علاقتهم مع السلاطين.
ما هي الفترة الزمنية في تاريخ المغرب التي بدأ فيها العلماء يلعبون أدوارا مركزية في علاقتهم بالسلطة؟
ارتبط الدور السياسي للعلماء بظهور الإسلام في المغرب مع وصول الأدارسة، وتعززت هذه الأدوار مع مرور الزمن في عصر المرابطين مع فقهاء المالكية وبعدها مع الموحدين، حين استطاع محمد بن تومرت خلق مذهب يجمع الأشعرية ومذاهب أخرى لضرب المذهب المالكي، ثم تعزز دور العلماء في العصرين المريني والسعدي.
ما هي الأدوار التي قام بها هؤلاء العلماء؟
أولا، لعب العلماء دورا أساسيا في مسألة البيعة، لأن السلطان الذي يريد أن يصل إلى الحكم لا يمكن أن يعتمد فقط على منطق الغلبة ليصل إلى العرش، فكان لابد له من الحصول على تزكية شرعية عن طريق العلماء، وخصوصا علماء فاس الذين لعبوا دورا أساسيا في إضفاء الشرعية على السلطان الذي يريد أن يكون حاكما فعليا. بمعنى أن السلطان يمكن أن يحصل على البيعة من مراكش ومن مدن أخرى، لكن بيعة فاس كانت ذات رمزية كبيرة.
وازداد هذا الدور أهمية، حين ظهرت قضايا أصبح على العلماء أن يدلوا بدلوهم فيها، ومن بينها قضية الجهاد. فمثلا حينما تعرض المغرب للغزو الإيبيري كان العلماء يدفعون الناس للقيام بواجب الجهاد، فأصبحت السلطة السياسية مجبرة على إيلاء الأهمية للعلماء، بالإضافة إلى قضايا أخرى كان فيها المخزن يحاول تعزيز سلطته المركزية من قبيل بناء جيش محترف. ونشير في هذا الإطار إلى بعض الحوادث التاريخية، كفكرة تكوين جيش من العلوج التي طرحت نقاشا حول إذا ما كان هؤلاء العلوج قد اعتنقوا الإسلام شكلا فقط وليس مضمونا، وحادثة غزو السودان في العصر السعدي، وتكوين جيش العبيد في عهد المولى إسماعيل، فضلا عن قضية الجبايات في عهد الحسن الأول وضريبة الترتيب في عهد المولى عبد العزيز… عموما يمكن القول إن العلماء لعبوا في التاريخ السياسي أدوارا حاسمة، بمعنى أن السلطان كان مجبرا على أن يحصل على تزكية ولو شكلية من العلماء لممارسة سياسته الداخلية.
حاوره عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 44 من مجلتكم «زمان»