في سنة 1909، بعيدا عن الأنظار، تكبد الجيش الإسباني على يد المقاومين الريفيين إحدى أنكر الهزائم العسكرية. وبالرغم من أن تلك المعركة أقل شهرة من معركة أنوال، فقد كان بإمكانها أن تغير مجرى التاريخ الاستعماري في شمال المغرب.
كارثة وادي الذئب (El desastre del Barranco del Lobo)، بهذه التسمية اختارت الذاكرة الإسبانية أن تسجل في حولياتها الاستعمارية موقف الإذلال الذي لحق بجيشها أمام حفنة من قبائل “الأهالي” الريفيين.
قبل سنة 1909، لم تكن لا السلطات ولا الرأي العام الإسبانيان يعتبران المناوشات التي تحدث مع “المورو” قضية دولة. لكن الأحداث الآتي ذكرها ستتخذ بسرعة منعطفا غير متوقع. الحقيقة أن معركة وادي الذئب لم تكن سوى ذروة المتاعب المستمرة التي يسببها تحالف القبائل الريفية للإسبان الذين يتصرفون آنذاك في الشمال المغربي كأنه أرض محتلة. وفي الوقت ذاته، لم يكن المغرب في وضعية استقرار سياسي واجتماعي.
بوحمارة يشعل فتيل الحرب
في سنة 1908، عزل السلطان مولاي عبد الحفيظ أخاه مولاي عبد العزيز عن العرش، ليتولى بعده مقاليد الحكم في البلاد. أما غريمه الغاضب المدعو “بوحمارة”، فقد ساهم أيضا في إضعاف المخزن بتوسيع دائرة نفوذه لتشمل جبال الريف. لكن نجاحه المستفز اصطدم بقيم الحرية المتجذرة لدى القبائل الريفية. وتحت يافطة الدعوة إلى الجهاد، اقترف بوحمارة الخطأ الذي لا يغتفر في أعين الريفيين، ألا وهو التعاون الوثيق مع القوى الفرنسية والإسبانية في الشمال، والأدهى أن ذلك شمل ميدان الأعمال الذي سعى من ورائه إلى إثراء بلاطه. آنئذ، انهارت سمعته لدى السكان المحليين، وعاد دور البطل إلى ريفي حقيق، وهو شريف قبيلة بوإفرور، محمد أمزيان.
سامي لقمهري
تتمة الملف تجدونها في العدد 76 من مجلتكم «زمان»، فبراير 2020