كان السلاطين المغاربة يعتمدون إلى جانب الخدام البارزين، على وسائط غير رسميين إن صح هذا التعبير حسب الحالات والظروف.
اتخذ السعديون، في صراعهم المحموم مع المسيحيين، وسائط، سواء مع السلطات المسيحية لحل قضايا القرصنة، ذلك أن المسلمين كانوا يقعون في الأسر، وكان ينبغي افتداؤهم، كما أن المسيحيين كانوا يقعون في مخالب القرصنة، و كانت عملية الافتداء تتم بطريقة رسمية أو حتى مع قوى غير رسمية، من بعض التجار المسيحيين بل والقراصنة.
“مسيحيو الله” داخل البلاط
ظهرت، في تلك الفترة، ظاهرة العلوج، وهم من المسيحيين ممن اعتنقوا الإسلام، عن صدق أو مصلحة، وكانوا صلة وصل ما بين الغرب الإسلامي، والغرب المسيحي. كانوا يأتون من معاطن عدة، من إسبانيا، ولو أنهم قلة، ومن الإفرنج، ومن جمهوريات إيطاليا، ومن هولندا. كان يحملون معرفتهم بالعالم المسيحي، وكان منهم من هم أصحاب خبرة، سواء عسكرية أو تجارية أو عمرانية. كانوا من منظور المسيحين مرتدين أو صابئين.
بيد أن من المسيحيين من أبقى على دينه. من الأسماء البارزة دوكاستلان الفرنسي الذي ارتبط بالأسرة السعدية، في عهد السلطان مولاي زيدان، وكان يعتزم بناء ميناء، لم ير النور إلا في عهد الوليد، وعرف بالوليدية، وبناه مغامر فرنسي. وسار العلويون على هذا النهج وتعاملوا مع وسائط. كان الوسيط يختلف باختلاف الجهة المقصودة وطبيعة المهمة. كان السلاطين يوفدون أعضاء من أسرتهم لحاضرة الإسلام، مكة والمدينة، أو يترأسون وفودا، كما حدث حين أوفد السلطان مولاي سليمان ابنه مولاي إبراهيم مع القاضي الزداغي، لمناقشة الوهابيين وقد ظهر أمرهم.
حسن أوريد
تتمة الملف تجدونها في العدد 76 من مجلتكم «زمان»، فبراير 2020