اضطر عدد من المغاربة اليهود، غداة الاستقلال، إلى اعتناق الإسلام. وفيما لقي ذلك ترحيبا من الأحزاب خاصة “الاستقلال”، عارضته “النخبة اليهودية”.
تميزت فترة ما بعد 1955 في المغرب بمعطيات سياسية صعبة، جعلت الطائفة المغربية اليهودية تطرح الكثير من التساؤلات حول وضعها العام ضمن المتغيرات الجديدة. بل وضعت مفهوم الهوية المغربية اليهودية موضع نقاش بين نخبتها، وهي النخبة التي سعت إلى العمل، قدر الإمكان، بدعم من النظام السياسي المغربي القائم، على طمأنة المغاربة اليهود على مستقبلهم بالبلاد، وتشجيعهم على القيام بدورهم في مختلف عمليات البناء. ومن هنا تم طرح مفهوم المواطنة والهوية المغربية اليهودية، وهو الأمر ذاته الذي ناقشته في الآن نفسه أقلام دعاة الحركة الصهيونية التي كانت نشيطة بالمغرب، وفق رؤية متعارضة أحيانا مع المفهوم الكلاسيكي للانتماء للطائفة المغربية اليهودية.
الأحزاب تتسابق على اليهود
إذا كان مفهوم الشريعة اليهودية (ها لا خاه) للهوية اليهودية، ينطلق من كون اليهودي هو من ولد من أم يهودية أو من تهود، وفق التعريف الذي ساد منذ ظهور اليهودية الحاخامية مع بداية العصور الوسطى في الغرب حتى بداية القرن التاسع عشر، فإن هذا المفهوم الذي حلله عبد الوهاب المسيري في دراسته حول «من هو اليهودي؟»، قد دخل مرحلة جديدة في بنيته الفكرية والعقدية مع التحولات التي عرفها المغرب عقب مروره بمنعطف الحماية والاستعمار، حيث تعددت التوجهات والتعريفات حوله، بل والتصنيفات أحيانا.
لقد أعاد السياق العام لطبيعة الأحداث السياسية وتفاعلاتها مع المؤثرات الخارجية لاسيما نشاط الحركة الصهيونية، والتحول الضمني لطبيعة مواقف الأحزاب السياسية المغربية من الطائفة المغربية اليهودية باختلاف مشاربها الفكرية، إنتاج ظواهر اجتماعية عمت بين المغاربة اليهود، وأثرت بشكل مباشر على “طابعهم الهوياتي”. بل كانت لها انعكاسات مباشرة على سياق التعايش الذي عم الطائفتين المسلمة واليهودية في الفترات السابقة، حيث أصبحت تتحكم فيه العديد من الظواهر المرافقة للتحول المجتمعي المغربي، كان أبرزها انتشار ظاهرة اعتناق عدد من المغاربة اليهود للإسلام، وإعلانهم ذلك بشكل رسمي.
محمد براص
تتمة الملف تجدونها في العدد 58-59 من مجلتكم «زمان»