يتذكر كثير من المغاربة ستينات وسبعينات القرن الماضي بكثير من الحنين. كان المغرب، لمن عاشوا تلك الفترة، يبدو أكثر انفتاحا، وتسامحا وحداثة …كان ذلك صحيحا في نحو من الأنحاء، ولكنه، إن أردنا الدقة، كان محدودا.
صحيح أن الفتيات كن يلقين بالحجاب ليستشعرن حريتهن، والشباب يعانق المد العالمي الفكري، وقد يعبر عن ذلك بنوع من التحرر الأخلاقي، في السلوك والملبس والمرجعية الفكرية… لم تكن حالة المغرب تختلف عن باقي بلدان العالم العربي حيث كان التحديث مدا عارما، بدا للتيارات المحافظة جارفا. كان التيارات المحافظة التي تتوسل بالتقاليد في موقع دفاعي. ولكن مسحة التحديث كانت غلالة شفيفة لم تنفذ إلى عمق المجتمع. كان الواقع العميق للمجتمع شيئا آخر، ولم يثبت التعايش بين التحديث والتقليد …وكان يكفي أن يخفق الحداثيون ليخرج المحافظون من متارسهم، متشفين أحيانا، عازمين على أخذ الثأر، أحيانا أخرى. يجمع الملاحظون على أن سنة 1967 كانت لحظة فارقة في العالم العربي. لا يمكن أن نجادل في تأثر المغرب بما يعتمل في الشرق من خلال نخبه …انتهي الحلم الذي رفعه جمال عبد الناصر، وشعاره «ارفع رأسك يا أخي». وتوزع العالم العربي بعدها نموذجين، نموذج أكثر راديكالية مما حملته الناصرية، وهو نموذج المقاومة الفلسطينية وفصيلها الجبهة الشعبية، وما تناسل عنها في المغرب من اتجاهات فكرية كانت صدى لها، أهما مجموعة أنفاس، ثم ما أعقب ذلك من مد فكري متمرد، يجلّيه بالأساس فرقة ناس الغيوان .أما النموذج الثاني فكان يتوسل التقاليد ويوظف الدين… لم يكن ذا تأثير آنذاك، واستطاع، مع عامل الزمن أن يوسع قاعدته، ويفرض، رويدا رويدا، تصوراته ليصبح بعدها قوة سياسية، ومرجعية قيمية…
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 32 من مجلتكم «زمان»