لم تختلف تجربة المغرب، في ضياع موعده مع الحداثة، عن تجارب بلدان أخرى لم يكن فيها الدين محددا للسلوكات والعلاقات. هنا تجربتان من مصر وتونس.
«كان أبي رجلا تقدميا جدا… كان يذهب لرحلات القنص بانتظام مع أصدقائه… ينصت إلى موسيقى الجاز و يحب مشاهدة الأفلام، يضحكه “لويس دو فوينيس“ كثيرا، ينصت إلى اسمهان وناظم الغزالي … يلبس الجلباب أحيانا وفي أيام العمل يرتدي بدلة بربطة عنق أو دونها… حين بلغ الأربعين قرر أن يضع غليون التبغ جانبا، و يذهب إلى الحج، بعدها بدأ يقرأ القرآن بانتظام عند الفجر وبصوت مرتفع وجميل، لكن حياته وحياتنا لم تتغيرا بسبب ذلك التغيير الذي حدث له، بل ظل يشجع بناته على الدراسة، كان يتمنى أن تصبح ابنته الكبرى ربانة طائرة، لم يأمر بناته بوضع الحجاب، ولا يريد أن يتزوجن قبل أن يحققن طموحاتهن، الغريب أن من كان يقف في وجه طموحاته هن النساء، جدتي وعماتي وزوجته، والغريب أيضا أن أخي الأكبر رحمه الله رغم أنه درس في مدارس فرنسية، كان و بشكل يومي ينصت إلى الشيخ كشك، أقارن دائما بين أبي و أخي و أتساءل لماذا كان الأب تقدميا منفتحا محبا للحياة وصار الابن عاشقا لكشك؟… انتكاسة».
كنت أهم بالبدء في كتابة هذا المقال، حين لمحت عيني هذا المنشور على فيسبوك، كتبته سلوى ياسين، مؤلفة قصص وأستاذة اللغة الانجليزية. وقفت مطولا عند كلمة “انتكاسة“. هكذا وصفت سلوى ياسين ما حصل بين مغربي الأمس، ومغربي اليوم. تقول سلوى إن هذه القطيعة، أو هذا الاجهاض، أو ما وصفته بـ«تطور الفكر لدى المغاربة» سببه ما أتانا من بلدان أخرى عبر الإعلام، وغياب سياسية تعليمية واضحة، وتقول أيضا إن ما حصل خلف لنا أساتذة تعليم منغلقين فكريا، وأولئك التقدميين “انكمشوا“، وأن هذه الانتكاسة ستستمر ونحن نرى تلاميذ اليوم، هم رجال الغد متشددين، ومنغلقين.
شامة درشول
تتمة المقال تجدونها في العدد 32 من مجلتكم «زمان»