احتفى مغاربة العصر الوسيط بالطفل في مناسبتي العقيقة والختان، ففيما كان الأغنياء يوفرون لأبنائهم كل سبل العيش الكريم، كان قصر اليد يدفع الكثيرين إلى التخلي عن فلذات أبنائهم في وقت مبرك.
محطتان بارزتان كان مغاربة العصور الوسطى يحتفون فيهما بالطفل، الذكر منه خاصة، اعتبارا للذهنية الذكورية المهيمنة، هما العقيقة والختان. ففي العقيقة، مورست مجموعة من الطقوس، اتشح أغلبها بمسحة دينية، كانت الغاية منها «الوقاية من الأرواح الشريرة، والتخلص من العين والجان»، وجعل المولود، ذكرا كان أم أنثى، مباركا. وفي الختان، حين يكون عمر الطفل يتراوح بين سبعة أيام وسبع أو ثمان سنوات في المعدل، يبرز الاحتفاء بالمولود الذكر بشكل بارز، حيث اعتبرت من المناسبات السعيدة للأسرة. ففي مدينة فاس، حسب الحسن الوزان، كان من عادة الفاسيين دعوة أسرة الصبي عددا من الأهل والأصدقاء لوليمة يعدونها لهم. وبعد عملية الختان، يلبس الصبي ثياب المناسبة، «ويطاف به في طرقات المدينة وأزقتها، محمولا على بغل في موكب معظم». وإذا كان والد الطفل من الأغنياء، قد يقوم بختان عدد من أطفال الأسر الفقيرة، وإشراكهم في الاحتفال، وهي عادة دأب بعض سلاطين المغرب خلال العصر الوسيط على ممارستها، حيث كانوا يتكفلون بختان عدد من الأطفال الأيتام لاسيما في يوم عاشوراء، وهو ما قام به مثلا السلطان المريني أبو الحسن. وبهذه المناسبة، كان يقدم لكل طفل من هؤلاء «قميصا وإحراما، ويعطى عشرة دراهم، وما يكتفي به من اللحم».
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 85 من مجلتكم «زمان»