لم يكن الوطنيون المغاربة لا فرقة واحدة ولا توجها أوحد، وستشكل ظرفية 1947-1961 اللحظة التاريخية التي ستتفجر فيها كل التناقضات التي تعايشت منذ تبلور “الوطنية المغربية”.
يشير مصطلح «الحركة الوطنية» عادة إلى كل الفاعلين الذين ساهموا في النضال من أجل تحرر المغرب من السيطرة الاستعمارية. إلا أن صيغة المفرد (الحركة) لم تكن بريئة، إذ تعكس تصورا ثقافيا حول مفهوم الوحدة من جهة، وطموحا سياسيا مهيمنا من جهة ثانية. فالمخيال الجماعي لغالبية المغاربة مهيكل وفق ثوابت المذهب المالكي السائد، وبالتالي لا يتمثل الوحدة إلا في شكلها الاندماجي، أليس المسلمون «ذات واحدة»؟. وبالتالي فالتعدد منبوذ ومشوش، وبالنتيجة لا يجب استحضاره ولو كان معطى أساسيا في الواقع، لذلك كانت عبارة «لا يخرج من الجماعة إلا الشيطان» كثيرة التداول، ورادعة لكل تميز أو اختلاف، كما أن اختزال مجموع الفاعلين في فاعل واحد يسهل عملية الاستحواذ على الريادة، ويعبد الطريق لهيمنة توجه ما على كل التوجهات الأخرى. فيتم تقدير، ثم تقديس القيادة المهيمنة، وبالمقابل تهميش وشيطنة الأطراف الأخرى. أليس في موروثنا المالكي مقولة تؤكد على أن في الأمة 73 فرقة، واحدة منها على صواب؟.
رب معترض يقول إن «الحركة الوطنية» المغربية لم تكن مرجعيتها الثقافية والدينية تقليدية ومحافظة بالكامل، بل كل كانت سلفية جديدة، قاومت التقليد باسم التجديد. وصارعت «الطرقية باسم العلوم العصرية». هذا صحيح إلى حد ما، لأن نفس «التجديد» عند الوطنيين المغاربة لم يفرز لا أنسنة مغربية ولا حداثة ثقافية. فظل المستبطن محافظا، وهو المتحكم في الأفعال، وخصوصا في ردود الأفعال.
المصطفى بوعزيز
تتمة المقال تجدونها في العدد 14 من مجلتكم «زمان»