لا يختلف ما جرى في الريف كثيرا عما جرى لعدي أوبيهي: أعلن سكان الريف ضيقهم ذرعا بالتهميش وبسياسات حزب الاستقلال فثاروا، وهتفوا بحياة الملك. ولما استفحلت ثورتهم، تعرضوا للقمع من جيش الملك نفسه الذي يوجد في حرب مع حزب الاستقلال.
بعد 6 أيام من العلميات الضاربة، دخل ولي العهد مولاي الحسن، مصحوبا برئيس الحكومة عبد لله إبراهيم، مدينة الحسيمة في 16 يناير 1959. كان ذلك إعلانا بالقضاء على الثورة المسلحة عقب انتفاضة الريف في الأشهر الأخيرة من سنة 1958 وبداية 1959. انتفاضة تم النظر إليها على أنها رد فعل غاضب من سكان مناطق المغرب ضد سياسات حزب الاستقلال، قبل أن تتكفل القوات المسلحة الملكية، يقودها ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بإخمادها بقبضة من حديد، مخلفة جراحات لم تندمل إلى اليوم.
صراع الهيمنة
ما إن حصل المغرب على استقلاله سنة 1956، حتى انفجرت الخلافات العميقة بين القوى السياسية المغربية حول السلطة وشكل المغرب المستقل. كان القصر وحزب الاستقلال طرفي هذا الصراع الرئيسيين، قبل أن تميل الكفة تدريجيا لصالح المؤسسة الملكية التي استطاعت أن تهيمن على جميع مقاليد السلطة، حتى قبل انتقال العرش إلى ملك جديد سنة 1961. في حمأة هذا الصراع المشحون، اندلعت أحداث الريف في الأشهر الأخيرة من سنة 1958 وبداية 1959.
تحول حزب الاستقلال، خلال السنوات الأولى للمغرب المستقل، إلى حزب جماهيري حقيقي. فمن 100 ألف عضو سنة 1954، انتقل الحزب إلى قرابة مليون عضو سنة 1957. وكان منغرسا في جميع ربوع المملكة. ولم تكن وسائل القوة تعوزه، فارتباطه العضوي بجيش التحرير، أو على الأقل قسم واسع منه، كان يمنحه الوسائل اللازمة لقمع خصومه، كما أن نقابته «الاتحاد المغربي للشغل» كانت تتجاوز في عضويتها 200 ألف مناضل.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 14 من مجلتكم «زمان»