عبد اللطيف الخمولي، رجل مسرح بامتياز، مشخص مجرب، يخبر تقنيات الأداء وسط الخشبة.. ومساره الطويل يشهد له .ويعتبر الخمولي بأن سر نجاح المسرحية، هو الوقوف على الخشبة ”وكأنك تقدم العرض للمرة الأولى” .في هذا الحوار، يحضر أيضا، بصفته رجل تعليم، للحديث عن المسرح المدرسي، الذي كان من بين مؤسسيه، وهي تجربة استمرت حوالي 16 سنة قبل أن تدخل في موت سريري.. هنا، أيضا، حديث عن تجربة ”مسرح اليوم”، التي أغنت بطريقتها الخاصة، المسرح المغربي.
بداية، كيف أسهمت الثقافة الاستعمارية) الفرنسية والإسبانية) في الاحتكاك مع المسرح بشكل عام؟
أعتقد أن الثقافة الفرنسية أسهمت، بشكل كبير، في خلق ثقافة المسرح، والجميع يعرف أن فرقة المعمورة كان مؤطرها فرنسيا، وهو أندري فوازان، ومعه مجموعة من الأشخاص الذين أتوا بحمولة ثقافية فنية من فرنسا، وحاولوا تمريرها لبعض الشباب المغاربة الذين نعتبرهم الآن من رواد المسرح المغربي. أتحدث هنا عن جيل عائد موهوب، وعبد الرزاق حكم، وعزيز موهوب، والطيب الصديقي، وثريا جبران، والعربي الدغمي، وعبد الصمد الكنفاوي، ومحمد عفيفي وآخرين. وهي أسماء تركت بصمتها في مجال المسرح المغربي، وأعطت، بشكل أو بآخر، مجموعة من المدارس الفنية بشكل متفرق، مثلا مسرح الطيب الصديقي ليس هو مسرح عفيفي، أو العلج.. هؤلاء أشخاص كان زادهم المعرفي الأول في المسرح هو فرنسي بامتياز، لكنهم حاولوا أن يلبسوه «جلابة مغربية بطربوشها وبلغتها» .أما الثقافة الإسبانية، فقد كانت محصورة نوعا ما في الشمال، وربما قليل من المغاربة فقط من تمرسوا على يد الإسبان .وفي نظري، هناك فرق بين المدرستين الإسبانية والفرنسية، مع وجود تميز وتأثير أقوى للمسرح الفرنسي .وأذكر أن أول عرض شاهدته في البدايات الأولى للاستقلال، كان فرنسيا، وهو عرض للدمى ،«Les Marionnettes» بقاعة مسرحية في الدار البيضاء. وأظن أنه حينها كان يجب أن نشاهد عرضا مغربيا محضا، لكن الثقافة الفرنسية ظلت حاضرة، وهذا العرض ظل عالقا بذهني أيضا إلى يومنا هذا، وربما كانت تلك الشرارة الأولى التي مهدت لعلاقتي الحميمية مع مسرح الطفل. فحاولت لاحقا أن أسهم في إدراج ثقافة المسرح عند الطفل.
يشير حسن المنيعي إلى أن البدايات الأولى للفرق المسرحية المدرسية ظهرت في عشرينات القرن الماضي. لماذا تأخرت فكرة تأسيس مسرح مدرسي، بطرق ممنهجة، حتى أواخر الثمانينات؟
بالفعل، أعتقد أن الاحتكاك الأول كان في مجموعة من المدارس بمدينة فاس، إذ سبق وحدثني عبد الحق الزروالي عن مؤسسة تعليمية في فاس، كان يجتمع فيها أبناء الوطنيين لعرض مسرحيات، كان الغرض منها مقاومة الوجود الفرنسي. أما بعد الاستقلال، فأظن أن البلاد كانت تعيش مرحلة انتقالية، مليئة بالتصدع، وكانت تلك البدايات الأولى لوضع الركائز الاقتصادية والسياسية ..إذن، فالجانب الفني كان ينظر له من منظور ترفيهي وثانوي.
تتمة الحوار تجدونها في العدد 100 من مجلتكم «زمان»