ذهب الكثير من فقهاء المالكية بالمغرب، خاصة خلال عصر بني مرين، إلى أن نسب الشريف يثبت من قبل الأم كما الأب، وأن ابن الشريفة معدود من الشرفاء.
رغم أن جمهور فقهاء المسلمين يذهبون إلى أن النسب لا يثبت إلا من جهة الأب، حتى نقل بعضهم الإجماع على ذلك، إلا أن فقهاء المالكية بالمغرب خلال العصر المريني خاصة لم يلتفتوا إلى هذا الاتفاق، وأعادوا طرح المسألة من جديد، وتناولوها بالمحاورة والمناظرة والنقاش، وذهب كثير منهم إلى أن النسب حتى الشريف منه يثبت من قبل الأم كما الأب، وأن ابن الشريفة معدود من الشرفاء، مستدلين على رأيهم بما للأم من مكانة في النص الديني، وما لها من حقوق في منظومة التراث الإسلامي، في لفتة نادرة في تاريخ الأدبيات والانتاجات الفقهية.
فما هو السر في اعتناء دولة بني مرين بالأشراف وقضاياهم؟ وما هي سياقات طرح قضية الانتساب إلى الأم؟ وما هي أهم الفتاوى المشهورة في الباب؟ وما أهم الحجج التي اعتمدها المثبتون والنافون؟ وما هو أشهر ما ألف وصنف في هذا الموضوع؟
رغم أن شرف الانتساب للنبي وذريته كان واحدا من أسس التعاقد بين سكان المغرب وحكم الأدارسة، إلا أن المكانة الرمزية للشرفاء لم يكن لها أثر بارز في سياسات الدول التي جاءت بعدهم ولا في شعاراتها التسويقية، سواء خلال عصر المرابطين أو الموحدين المنحدرين من قبائل أمازيغية، ولم تبزغ هذا الرمزية من جديد إلا مع دولة بني مرين منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، حيث أصبح للشرفاء نفوذ معنوي ووزن سياسي يشكل أحد ركائز مشروعية الدولة القائمة.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 112 من مجلتكم «زمان»