خلال القرن التاسع عشر، اعتمدت مملكة بريطانيا على المغرب بشكل كبير في ما يخص تزويدها ببعض المواد الاستهلاكية الأساسية، كالحبوب والأبقار. وللحفاظ على هذا الارتباط، أرغم البريطانيون السلطان المغربي على توقيع معاهدة 1856 بلغة التهديد والسلاح.
مع حلول القرن 19م، بدت معالم التغيير تظهر على الإيالة الشريفة. ويعتبر المؤرخون أن هذا القرن، هو قرن التحول الذي أدخل المغرب مرحلة جديدة وُصفت بالممهدة للاستعمار. ويركز الباحثون في التاريخ الاجتماعي على دراسة هذه الحقبة لكونها شهدت تحولات على عدة مستويات، منها الاجتماعي والسياسي/الدبلوماسي والاقتصادي/التجاري .لكن أين تكمن أهمية دراسة معاهدة نصف القرن ذاك، المعروفة بمعاهدة ،1856 التي تم توقيعها تحت تهديد السلاح؟
تكمن أهمية تتبع هذه المعاهدة ومدى خطورتها، كما يقول المؤرخ خالد بن الصغير، بكونها “قلبت أمور المغرب رأسا على عقب، فأصبح فيما بعد، عاجزا عن الوقوف في وجه التغلغل الاقتصادي الأوربي بكل ما حمل معه من مس بسيادة المخزن وماليته وإدارته“ .إذن ما هي ظروف المعاهدة والسياقات التي جعلت المغرب يخضع لشروطها؟
يحق لنا في البدء التساؤل حول تاريخ العلاقة بين بريطانيا والمغرب، وطبيعتها رغم بُعد المسافة. يعود ذكر أول اتصال بين الجانب المغربي والجانب البريطاني إلى بداية القرن 13م، خلال الحكم الموحدي. ففي الوقت الذي كانت فيه إنجلترا تعيش حالة اضطراب وضعفا بسبب التهديدات الفرنسية، لجأ ملكها جون إلى السلطان المغربي محمد الناصر يستنجده في عام 1208م. وبالرغم من عدم استجابة الأخير، إلا أنه يعتبر أول اتصال يطبع تاريخ العلاقات الإنجليزية والمغربية.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 116 من مجلتكم «زمان»