رسخ المغرب استقلاله عن فرنسا بقرار الخروج من منطقة الفرنك الفرنسي وتأميم بنك المغرب سنة 1959. في ما يلي لمحة عن كواليس هذه القرارات من خلال بعض الوثائق الفرنسية.
حرصت الحكومة الفرنسية على وضع استقلال المغرب في إطار «ترابط وثيق ودائم ما أمكن بين البلدين، على المستويين المالي والاقتصادي»، على حد تعبير ورقة توجيهية لوزارة الخارجية الفرنسية حول تدبير مفاوضات الاستقلال مع الحكومة المغربية. «يجب أن نحصل على قبول المغاربة البقاء ضمن منطقة الفرنك من جهة، ومن جهة ثانية موافقتهم خلق وحدة جمركية بين البلدين حالما تسمح بذلك الظروف»، كما جاء في هذه الورقة المؤرخة في 17 فبراير 1956 عشية التوصل لاتفاق 2 مارس المعلن عن استقلال المغرب. بقيت الأمور عالقة، منذ ذلك الحين، على أساس أن تحسم من خلال جولات أخرى من المفاوضات حول ما سمي بـ”الترابط” بين البلدين. بات ترتيب العلاقات المالية والاقتصادية، إلى جانب الوجود العسكري الفرنسي في المغرب، أهم الرهانات الأساسية لمرحلة ما بعد استرجاع السيادة. فماذا كانت حسابات كل طرف؟ وما موقع العلاقات المالية والاقتصادية من التجاذبات السياسية التي عرفها المغرب في تلك المرحلة؟ وكيف استطاعت الحكومة المغربية، أخيرا، تحقيق أهدافها في هذا الميدان؟ بغض النظر عن المعطيات التقنية المحض للموضوع، والتي لا يسعها هذا المقام، تقدم بعض وثائق الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي إضاءات جديدة حول جوانبه السياسية، تتمحور حول الضغوط التي مارستها فرنسا على الجانب المغربي للحيلولة دون تطبيق قرارات فك الترابط النقدي والجمركي مع فرنسا، وما يترتب عنها على صعيد توجهات السياسة الاقتصادية. لعل أهمية هذه الإضاءات الجديدة تكمن في تسليط الضوء على كواليس الصراعات السياسية التي عاشها المغرب في منعطف سنة 1960 والتي انتهت بإبعاد الحركة الوطنية عن المشاركة في السلطة.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 54 من مجلتكم «زمان»