لطالما أثار الموقع الاستراتيجي للمغرب أطماع كل القوى السائدة على مر التاريخ. غير أن إغراءات طنجة كانت، دائما، ذات طابع خاص، إذ كان امتلاكها يعني امتلاك مفتاح المغرب. لذلك، كانت كل قوة منافسة تدرك قيمة موقع المدينة الذي يسمح بمراقبة الداخل والخارج إلى ومن البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي التحكم في تجارة الحوض. لم يُرِد أحد من القارة العجوز أن تكون قدمه خارج القارة السمراء. ورغم الاتفاقات والتفاهمات، التي أدت في الأخير إلى تقسيم المغرب إلى حمايتين، ظلت طنجة دائما عصية على التفاهمات والتقسيم.
مع مطلع القرن العشرين، انطلق السباق للوصول إلى طنجة. كانت بريطانيا أول الواصلين، وأنشأت في عام 1904 مستعمرة لها، لكن فرنسا لحقت بها، لِتُنازعها في “أصول المِلكية”، قبل أن تتفقا في الأخير، وديا، على جعل المدينة منطقة دولية. ثم وصلت إسبانيا لتطالب بحقها من “الكعكة المغربية”.
هكذا، أصبحت المدينة ساحة للمعارك الدبلوماسية بين القوى الثلاث، لم يحسم فيها لا مؤتمر الجزيرة الخضراء (1906)، ولا فرض الواقع بفرض الحمايتين، الفرنسية والإسبانية، على المغرب (1912). وحين اندلعت الحرب العالمية الأولى، انشغلت باريس ولندن باشتعال النيران على الجبهات، وبقيت مسألة طنجة معلقة.
لم تعد الأطراف الثلاث إلى طاولة المفاوضات إلا في أواخر عام 1923 بباريس، والاتفاق على ما عُرِف بـ”بروتوكل طنجة”، الذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يونيو 1925. بعدئذ، التحقت دول أخرى بالبروتوكول، واستقطبت طنجة أجناسا أخرى، جعلها من أوائل المدن العالمية التي تعايش فيها ناسٌ متعددو اللغات والأديان والثقافات.
وضْع ظلت عليه حتى بعد نهاية “وضعها الدولي” باستقلال المملكة، لتعيش بعدها تجاربها المغربية الخاصة.
أي نتيجة
View All Result