استعمل أغلب المقربين من الملك، غير المتحدرين من العائلات الأرستقراطية، فكرة مواجهة “الفاسيين” وتمثيل أبناء الشعب الهامشيين لبناء شرعية مبادراتهم السياسية. غير أن المنافسة بين العائلات الأرستقراطية وممثلي البادية، في محيط الملك، لا تؤثر في النهاية على هيمنة الملكية على الجميع.
حينما ساءت العلاقات بين حزبي “الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” سنة 2009، بعد إعلان الأول وقف “المساندة البناءة” لحكومة عباس الفاسي، عاد خطاب “أولاد الشعب” في مواجهة “فاسة” ليؤثث هذه المواجهة الإعلامية بين الحزبين. بالنسبة لجزء من قيادة “البام” لا يتعلق الأمر، فقط، بمعارضة حكومة يقودها “الاستقلال”، بل بمواجهة شبكة عائلية تحتكر الانتفاع من خيرات الدولة والبلاد، على حساب أبناء الجهات المهمشة، وخاصة أهل الريف. بينما كانت شرعية “البام” موضوع انتقادات حادة، لارتباط تأسيسه بالقصر واستعمال وسائل الدولة في الانتخابات، كان بعض قياديي هذا الحزب ينازعون في شرعية “حكم العائلات”، وخاصة عائلة الفاسي الفهري ذات الامتداد في “الاستقلال”. مقابل “حزب الملك” يرفع شعار “حكم العائلات” أو “حزب العائلات”، كناية على حزب الاستقلال. في حين عبر الشارع، من خلال شعارات حركة 20 فبراير، عن منازعته في شرعية الطرفين معا، “حزب الملك” و”حكم العائلات”، مطالبا بـ”رحيل” هؤلاء وأولئك.
من يمثل “أبناء الشعب”؟
بالنسبة للمنتفضين في الشارع كان التقاطب واضحا، هناك من جهة أبناء الشعب المحرومون من حقوقهم، وفي الجهة المقابلة المستفيدون الدائرون في فلك القصر، لا تمييز بين من ينتمي منهم لعائلات نافذة وبين من جاء من الهامش. بشكل خجول، حاول بعض قياديي “البام” الدفع بتشخيص مختلف للواقع، ففي نظرهم التقاطب الحاصل في المغرب هو بين متحدرين من عائلات راكمت الثروة والنفوذ، وبين باقي أبناء الشعب، بمن فيهم من يكون مقربا من الملك. “حزب آل الفاسي استولوا على المغرب وثروة المغرب لعقود من الزمن من عهد إدريس الثاني إلى الآن. حاليا يستحيل على المواطن المغربي أن يميز بين الفاسي في الخارجية، وابنه في العلاقات الدولية، وبين الفاسي في رئاسة الحكومة، والأبناء والأحفاد والأصهار والإخوان والأخوات في كل مناحي الحياة. فقبل أن نلج الديموقراطية من باب الانتخابات، يجب أولا أن نتفق لمن ينتمي هذا الوطن الذي ستجرى فيه الانتخابات”، كما قال إلياس العماري، القيادي في “البام” في حوار مع موقع “كود” (17/11/2011). من بين الانتقادات الكثيرة التي ووجه بها البام، انفرد استقلاليون باتهامه بـ”محاربة أهل فاس”. “البام يضم مجموعة متطرفة، يقودها إلياس العماري وحكيم بنشماش، تخوض حربا ضد أهل فاس وعلى أعيان المغرب”، كما قال حميد شباط، في حوار مع “هسبريس” (30/5/2011).
شباط واصل، في نفس سياق المواجهة مع البام، “أهل فاس هم أهل مال وعلم حتى خارج المغرب، وهم أناس يتمتعون بذكاء ثاقب لأن الجامعة توجد عندهم منذ القدم والعلم في متناولهم قبل الجميع”، وذلك في حوار مع جريدة المساء (19/10/2011)، مبتدعا حديثا نسبه إلى الرسول يقول إن “أهل فاس لا يغلبهم من خلفهم إلى يوم القيامة”. الطريف في الأمر أن الطريقة الكاريكاتورية التي تحدث بها شباط في الموضوع، سوف لن تمنعه من اللجوء لنفس الخطاب، لحظة مواجهته لعبد الواحد الفاسي الفهري في السباق لتولي الأمانة العامة لحزب “الاستقلال” سنة 2012.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 3 من مجلتكم «زمان»