تفرق كرة القدم، الآن، البيضاويين بين من يعشق الوداد وبين من يهوى الرجاء، لكن لا يمكن أن يختلفوا حول رجل واحد طبع تاريخ الفريقين هو الأب جيگو.
تمكن فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم، خلال منافسات كأس العالم للأندية التي احتضنها المغرب في أواخر السنة الماضية، من سرقة الأنظار بطريقة لعبه المميزة وبوصوله إلى النهاية بعدما أزاح فريقا برازيليا كان يضم في صفوفه إحدى مواهب بداية الألفية الثالثة، هو رونالدينهو. يعتقد مصطفى رفيق، أحد أحفاد محمد بلحسن العفاني الملقب بـ«الأب جيگو»، أن الرجاء قدم ما كان «المرحوم» الذي بصم على طريقة لعب تجمع بين العمل على خلق الفرجة والعمل، في الوقت ذاته، على تحقيق الفوز. لم يدخل الأب جيگو عالم التدريب بالموهبة فقط أو كونه ممارسا سابقا للعبة كرة القدم، كما فعل الكثير من مجايليه، فقد كان أول مغربي يحصل، منتصف ثلاثينات القرن الماضي، على دبلوم مدرب في كرة القدم من أحد المعاهد المتخصصة في إنكلترا، كما ساهم تكوينه العلمي في صقل شخصيته كمدرب «كبير» طبع تاريخ الفريقين الغريمين في الدارالبيضاء: الوداد والرجاء.
من البنك إلى الكرة
بدأت علاقة «الحب» بين الأب جيگو والكرة مبكرا، وبالضبط في تونس حيث ولد عام 1900 من أم تونسية وأب سوسي كان أحد كبار التجار المتحدرين من قرية إيسافن بنواحي تارودانت. في عام 1907، سيقرر العفاني الأب العودة نهائيا للمغرب والاستقرار بمدينة الدارالبيضاء التي أصبحت، عشية فرض الحماية على المغرب، ورشا مفتوحا على كل الأنشطة التجارية والاقتصادية، وقبلة لمعمرين من مختلف الأجناس. في تلك السنة بالذات سيكون من حظ الطفل محمد العفاني الابن الالتحاق بالمدرسة الإسبانية-البرتغالية، وهنا بدأ وعيه الكروي ينضج رفقة أبناء أوربيين جاؤوا للمغرب وحملوا، ضمن حقائب الأمتعة، كرات للقدم والأحذية الخاصة بها. بعد مشوار ابتدائي في المدرسة وثانوي متميز، سيحصل محمد العفاني على البكالوريا عام 1918، وكان بذلك من المغاربة الأوائل الذي حازوا تلك الشهادة من ثانوية ليوطي التي كانت مخصصة، تقريبا، لأبناء الفرنسيين والحاملين للجنسية الفرنسية.
وفي الوقت الذي كان يأمل والده أن يلج سوق العمل، بعدما حصل على دبلوم يسمح له بشغل منصب مسؤول إداري في «كريدي ليوني» وهو يبلغ بالكاد 20 سنة، سيرفض محمد العفاني ذلك، بل سيرفض منصبا أكبر حين تم تعيينه عل رأس المكتب المغربي للبنك الفرنسي-الجزائري، غير أن رواية منسوبة إلى محمد المالكي، الذي كان مستشارا بالمجلس الأعلى وأحد محبي الوداد، تفيد أن بلحسن أعفي من منصبه في البنك لأنه كان يتغيب كثيرا لمتابعة مباريات في كرة القدم داخل المغرب وخارجه.
عمر جاري
تتمة المقال تجدونها في العدد 9 من مجلتكم «زمان»