كان يمكن لمحمد آيت قدور أن يصير مجرد راعي غنم، كما يقول، لولا تدخل حزب الاستقلال وخاصة المهدي بنبركة للدفاع عن عائلته ضد قائد المنطقة، وألحعلى آل أولاد الشريف، ومنهم والد آيت قدور بضرورة تعليم أبنائهم، وهو ما تم فعلا في مدرسة أنشئت ببيت العائلة بميدلت سنة ،1948 بعد موافقة سلطات الاستعمار ليواصل بعد ذلك مشوارا دراسيا ناجحا ومشوارا سياسيا قاده لعمق المواجهة المسلحة بين القصر واليسار من خلال محاولة .1972
كيف التحقت بالتنظيم السري للاتحاد الوطني للقوات الشعبية؟
يتعلق الأمر في الواقع بالتحاقي بمحمد الفقيه البصري وليس بالتنظيم السري، الذي لم يكن يسمى هكذا إلا في مطلع السبعينات. مثاليتي كشاب مناضل في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية دفعتني للبحث عن هذا العفريت الذي قيل إنه كان روح ما سمي بمؤامرة ،1963 أي الفقيه البصري.
ما هي المعلومات التي استقيتها لاحقا حول مؤامرة 63؟
لا شيء، فقط ما هو معروف من السياق العام لتلك المرحلة. حينها حصلت القطيعة بين الحكم الجديد الذي قاده الحسن والجناح الذي سار وفق الاختيار الثوري للمهدي بنبركة (وهي الأطروحة التي لم تحظ بإجماع المؤتمرين خلال المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 62 مقابل أطروحة عبد لله إبراهيم). يمكنني أن ألخص الوضع عموما في أن الحسن الثاني، ولي العهد آنذاك، أسقط حكومة عبدا لله إبراهيم وأقنع والده بمحاربة الوطنيين وكان يعتبر وجوده مشروطا بالقضاء علينا، ونحن كنا نعتبر وجودنا رهينا بالقضاء عليه. يمكن أن نحيل هنا على عنوان شهير تصدر جريدة التحرير آنئذ «لا إصلاح لهذا النظام إلا بزواله».
كما لا يجب أن ننسى أهمية استقلال الجزائر الذي ساهم فيه مقاومو وقادة الاتحاد، فعبد الرحمان اليوسفي كان محامي المقاومين الجزائريين، والملك أصبح متوجسا من علاقاتنا مع جزائر الثورة.
في هذا الجو اختطفت وتعرضت للتعذيب في دار المقري بعد عودتي إلى المغرب سنة 1964 إثر الانتهاء من دراستي في فرنسا، وذلك على خلفية عملية مشرع حمادي التي اتهم فيها مقاومون من رفاق بنحمو، باستهداف عناصر أمن. كنت التقيت أحد هؤلاء المقاومين في الجزائر، فكان ذلك سببا في اختطافي. كان ملفي فارغا فنلت البراءة، لكن وزن ما عشته في دار المقري كان ثقيلا علي وآليت على نفسي منذ تلك اللحظة أن لا أكون أبدا سببا في توريط أي أخ من الإخوان في أي عمل يمكن أن يقوده للسجن والتعذيب. بل كنت أفكر أحيانا في الانتحار لو اعتقلت.
حاوره إسماعيل بلاوعلي
تتمة الحوار تجدونها في العدد 8 من مجلتكم «زمان»